قصة بوكاهانتس الحقيقية

قصة بوكاهانتس الحقيقية، من هي بوكاهانتس، خطف بوكاهانتس وأسرها، مغادرة بوكوهانتس إلى إنجلترا، الحقيقة والخيال في حياة بوكاهانتس، بوكاهانتس الابنة المدللة لزعيم

  • 1449 مشاهدة
  • Mar 19,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب Ghada Halaiqa
  • ( تعليق)
قصة بوكاهانتس الحقيقية

قصة بوكاهانتس الحقيقية

 

بوكاهانتس ليست مجرّد شخصيَّة هوليوديَّة كرتونيَّة، بل هي فتاةٌ تنتمي إلى السكان الأصليين لأميركا، واسمها الحقيقي (أمونوت)، ولدت عام 1596م، وقد لقبت باسم بوكاهانتس بين الناس، ويعني هذا اللقب (الشخص المرح)، أو (الطفل المشاكس)، ومن خلال منصّة أجراس سنذكر لكم تفاصيل القصّة الحقيقيّة لهذه الشخصيّة التي طالما اعتقدنا أنَّها مجرّد شخصيَّة من نسج الخيال.

 

من هي بوكاهانتس؟

بوكاهانتس أو أمونوت هي الابنة المدللة للحاكم (بوهاتان)، والذي كان يحكم أكثر من 30 قبيلة تتحدَّث لغة الـ(غونكيان) في منطقة (تشيسابيك) التي ادّعى المستوطنون الإنجليز الأوائل بأنَّها (جيمستاون – فرجينيا).

 

كانت بوكاهانتس فتاةً صغيرة تشع حيويةً ونشاط، إضافةً لكونها فتاةً موهوبة، كانت بوكاهانتس تبلغ العاشرة من عمرها عند تأسيس (جيمستاون) التي حكمت العديد من القبائل العميلة عام 1607، وبسبب شخصيتها المتميزة وذكائها الحاد، اختارها الكابتن (جون سميث) ابنةً له بالتبني، والذي التقاها للمرَّة الأولى بعد عدَّة أسابيع من صول المستعمرين الأوائل إلى منطقتها، وإلقاء القبض عليه من قبل مجموعة من الرجال الذين انهالوا بالهراوات عليه، فتقدمت بوكاهانتس وخاطرت بحياتها لتنقذه من خلال وضع رأسها على رأسه لتحميه من تلك الهراوات.

 

وصف الإنجليز بوكاهانتس في القرن السابع عشر بـ( المتوحشة النبيلة)، كشكل من أشكال المدح بعد إنقاذها للكابتن.

كانت بوكاهانتس ترتدي الملابس نفسها التي يرتديها أطفال بوهاتان الآخرين، (أي الحد الأدنى من الملابس)، وتم حلق مُعظم شعرها في سنٍ مبكرة، لأنّه وبحسب عادات القبيلة هناك، فقط النساء البالغات يمكنهن إطالة شعرهن.

تعلمت بوكاهانتس منذ نعومة أظفارها كيفيَّة الزراعة والطهي، ونسج السلال، وإخماد الحرائق، لكن هذه الحياة تغيرت بشكلٍ نهائي إبان عام 1607م، وذلك بعد أن هبط حوالي مائة مستوطن إنجليزي في فيرجينيا؛ لتأسيس جيمستاون، وكان من بينهم جون سميث، والذي كان السبب الرئيسي وراء شهرة هذه الفتاة الصغيرة.

 

في عام 1616م، كتب جون سميث:

"في لحظة إعدامي، خاطرت بوكاهانتس بضرب رأسها لإنقاذ رأسي، ليس هذا فحسب، بل سادت مع والدها أيضاً، حتَّى تمَّ نقلي بأمانٍ إلى جيمستاون".

والجدير بالذكر بأنَّ جون سميث قد روى هذه القصَّة سابقاً في عام 1608م، ولكن بشكلٍ مُغاير، فلم يلتقِ سميث بالصغيرة إلا بعد عدَّة أشهر من لقائه أعضاء آخرين من قبيلتها، وظهرت بوكاهانتس على أنَّها بطلة قصَّة سميث بعد عدَّة أعوام، وذلك عندما كتب كتابه إلى الملكة (آن)، حيث حوَّل حكايته المُختصرة مع بوكاهانتس إلى حكاية أكثر دراماتيكيَّة.

 

وعلى الرَّغم من هذا تبقى الرواية الشفويَّة المتوارثة في البوهتان، تسرد تفاصيل قصَّة مُختلفة، وتقول الحكاية المتوارثة الشفويَّة بأنَّه لم تكن هناك نيَّة أبداً لإعدام سميث، فهذه الحكاية مُختلقة من الكاتب، ولكن ما حدث هي قيام أعضاء القبيلة بمجموعة من الطقوس لإضفاء الطابع الرسمي على مكانة سميث بين البوهتان، وتتمثّل الطقوس حول موتٍ ونهضة رمزيَّة لجعل سميث زعيماً، وقد أشار رئيس قبيلة البوهتان إليه باعتباره ابناً له.

 

أمَّا بالنسبة للعلاقة بين جون سميث وبوكاهانتس، فتقول الحكاية المتوارثة الشفويَّة  إلى أنَّ ابنة رئيس القبيلة كانت صديقةً لسميث، وقامت الفتاة بجلب الإمدادات إلى مستوطنين جيمستاون الجائعين، وفي عام 1609م، عاد سميث إلى إنجلترا لتلقّي العلاج، لكن من تبقَّى من مستوطنين أخبروا بوكاهانتس ووالدها بأنَّ جون سميث قد مات.

 

خطف بوكاهانتس وأسرها

لم تكن حادثة إنقاذ جون سميث هي الأبرز والأهم في حياة الصغيرة بوكاهانتس، فالحدث الرئيسي في حياتها عمليّة خطفها وأسرها من قبل المستعمرين الإنجليز، وتحديداً زملاء جون سميث.

تقول الحكاية بأنَّه في يومٍ من الأيَّام بدأت العلاقة بالتدهور بين الإنجليز والبوهتان، وذلك عندما طالب الإنجليز بالمزيد من الإمدادات، ولم يعيروا اهتماماً لفترة الجفاف التي عرَّضت البوهتان للخطر.

 

وفي عام 1613م، تزوّجت بوكاهانتس من محارب من أعضاء القبيلة اسمه (كوكوم)، ويُقال بأنّها قد رزقت منه بطفل، وعلى الرّغم من زواجها إلا أنَّها بقيت ابنة زعيم القبيلة المفضَّلة، ولأجل هذا السبب، تحوَّلت بوكاهانتس إلى ورقة مساومة في يد المستعمرين الإنجليز في خضم صراعهم مع البوهتان، فقد خطَّط الكابتن (صموئيل أرغال) لخطف بوكاهانتس وحجزها مُقابل فدية، وقام على الفور بتنفيذ خطته، وذلك من خلال خداع بوكاهانتس لزيارة السفينة، لاستدراجها وأسرها دون أي مقاومةٍ منها، وبعد وصولها لهناك، رفض السماح لها بالمغادرة، واحتجزها لمدَّة عامٍ كامل.

 

وعلى الرَّغم من موافقة والد بوكاهانتس على مطالب الإنجليز، إلا أنّها بقيت أسيرةً عندهم، ولكن خلال فترة أسرها، تعلمت الكثير من مُعتقدات ومُمارسات الشعب الإنجليزي، إضافةً لتعلُّم لغتهم، وفي عام 1614م، اعتنقت بوكاهانتس الديانة المسيحيَّة، وأطلقت على نفسها اسم (ريبيكا)، وبعد فترةٍ وجيزة تزوَّجت من مستوطن إنجليزي اسمه (جون رولف)، أمَّا بالنسبة لزوجها الأوَّل كوكوم فلم يُعرف ما هو مصيره، فبعض الروايات تقول بأنَّه قد قُتِل، وتقول روايات أخرى بأنَّه قام بالانفصال عنها.

 

مغادرة بوكاهانتس إلى إنجلترا

تعامل الإنجليز مع اعتناق بوكاهانتس الديانة المسيحيَّة على أنَّه انتصاراً لهم، وقامت شركة (فيرجينيا) في لندن، والتي موَّلت تسوية جيمستاون، بتوظيف بوكاهانتس (ريبيكا رولف)، لتشجيع المزيد من الإنجليز للسفر إلى فرجينيا والاستيطان فيها.

أمَّا الرواية الشفوية للبوهتان فتقول بأنَّ بوكوهانتس قد عانت من انهيارٍ عقلي نتيجة سوء معاملة الإنجليز لها، وقد أخبرت شقيقتها بأنَّها قد تعرَّضت للاغتصاب خلال فترة وجودها في الأسر، وكان سبب اعتناقها المسيحيّة وزواجها لأنَّها لم تكن تملك خيارات أخرى.

 

تقول الرواية الأنجليزيَّة بأنَّ بوكاهانتس قد أنجبت من المستوطن الإنجليزي ابناً أسمته (توماس) بعد زواجها منه، ولكن الرواية الشفوية لقبيلة البوهتان تقول بأنَّها قد أنجبت هذا الطفل قبل الزواج من المستوطن.

في عام 1616م، عبرت بوكاهانتس برفقة زوجها المحيط الأطلسي، ووصلت إلى إنجلترا، والتقت هناك بملك وملكة إنجلترا، وكان الهدف من هذه الرحلة هو التأكيد على أنَّه قد تمَّ ترويض بوكاهانتس، وتمَّ تقديمها على أنَّها أميرة.

خلال رحلتها إلى إنجلترا، التقت بوكاهانتس جون سميث للمرَّة الأولى منذ زمنٍ طويل امتدَّ لعدَّة أعوام، وقد وبخ بوكوهانتس مع الطريقة التي تعامل بها والدها والبوهتان مع الإنجليز، لكنَّها ردت عليه قائلة:

 

"أبناء وطنك يكذبون كثيراً".

وأثناء رحلة بوكاهانتس إلى فرجينيا، أصيبت بمرضٍ عنيف، وأدَّى إلى وفاتها بعد وقتٍ قصير، وكانت تبلغ من العمر وقت وفاتها 21 عاماً فقط، ولا يزال سبب وفاتها أو (قتلها) غامضاً حتَّى وقتنا هذا، حيث يعتقد البعض بأنَّها قد أصيبت بمرض السل، بينما يعتقد البعض الآخر بأنَّها أصيبت بالتهابٍ رئوي أو مرض الجدري، ولكن هناك رواية تقول بأنَّها قد تعرَّضت للتسمُّم، فالرواية الشفويّة المتوارثة بأنَّ موت بوكاهانتس كانت مفاجئة ومُحزنة.

 

الحقيقة والخيال في حياة بوكاهانتس

بعد أربعة قرونٍ من وفاة بوكاهانتس، يتسائل كثيرون، ما هو الصحيح وما هو الخطأ في قصَّتها؟

من هذا المُنطلق أصبح من السهل استدعاء الخيال أكثر من محاولة العثور على الحقيقة، فلم تكن هناك قصَّة حبٍ عظيمة بين بوكاهانتس والقبطان الإنجليزي سميث كما كان يُروى، ومع ذلك، فالنسخة الخياليَّة هي سبب شهرة بوكاهانتس، وتردد اسمها حتَّى وقتنا الحاضر، على الرَّغم من أنَّ هذه النسخة وما تريد إيصاله للناس تقوم بتزييف الواقع وتشويهه؛ لطمس الحكاية الحقيقيَّة، حيث أنَّ الحقيقة هي أنَّ بوكاهانتس لم تفضَّل جيمستاون على البوهتان، لأنَّه قد تمَّ سلب حريّة الاختيار لها لحظة أسرها.

 

مقالات متعلقة في منوعات وتسليه