الصناعة في اليابان

الصناعة في اليابان، خطوات تطور الصناعة اليابانية، الصناعة في اليابان قديما، تصنيع الآلات الكهربائية، أسباب نهضة اليابان، السياحة في اليابان، الزراعة في اليابان

  • 1560 مشاهدة
  • Mar 02,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب علي ف ياغي
  • ( تعليق)
الصناعة في اليابان

الصناعة في اليابان

 

سعت الحكومة اليابانيَّة في عام 1871م إلى تطوير بلادها، وجعلها ذات قوَّةٍ سياسيَّة كبيرة، والإسراع في بناء دولة حديثة بأقصر مُدَّةٍ زمنيَّة، الأمر الذي دفع المسؤولين والطلاب اليابانيّين للسَّفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا؛ ليتعلّموا كيفيَّة مجاراتهم والنُّهوض ببلادهم، وفي ذات الوقت ركّزت الحكومة اليابانيَّة، وعملت على تعزيز الصناعة وإدخال المشاريع الاستثماريَّة، والكثير من المجالات الحديثة إلى البلاد، لأجل تعزيز رأس المال في اليابان.

 

خطوات تطوّر الصناعة اليابانيَّة

  • الخطوة الأولى:

عملت اليابان على إزالة النِّظام الإقطاعي المسيطر على التجارة ومحطَّات البريد، وعلى ثروات البلاد، فهذا النِّظام كان عائقاً أمام التنمية الصناعية.

 بدأت اليابان بالصناعة في عام 1869م، من خلال إنشاء بنية تحتيَّة جديدة، حيث وضعت أوّل خط تلغراف ما بين مدينتي طوكيو ويوكوهاما، وبعد ذلك بدأت بإنشاء خطوط السكك الحديديَّة بين المدينتين، ثُمَّ امتدَّت هذه السكك الحديديَّة بعدها لجميع أنحاء البلاد، ثم بدأت الحكومة بإنشاء المؤسَّسات المتخصّصة في مجالات الصناعة الخفيفة والزِّراعة.

  • الخطوة الثانية:

استقدمت الحكومة اليابانيَّة مجموعةً كبيرة من خيرة المختصّين الأجانب، وقامت بشراء الخدمات والاستشارات منهم؛ للاستفادة من خبراتهم في مجال الصناعة، وبعدها ازدادت التنمية الصناعيَّة في اليابان، وأصبحت تضم مُعظم الصناعات الخفيفة والثقيلة، ومع تطوّر الصناعة في اليابان نمت التجارة وازدهرت، وأرتقى فيها مستوى التعليم، إلى أن أصبحت اليابان قادرةً على مُجاراة الدُّول الأوربيَّة في تطوّرها وإمكاناتها، وأنَّ نظام التعليم الياباني زاد التنمية وطوَّرها سريعاً، الأمر الذي ساهم في الوصول السريع لليابان إلى التصنيع والاقتصاد الرأسمالي، وهذه إحدى الأسباب التي جعلتها اليوم واحدةً من القوى الاقتصاديَّة العالميَّة الكبرى.

 

الصناعة في اليابان قديماً

من أجل تطوير الصناعة بذلَ اليابانيّون أقصى جهودهم لتحقيق هذه الغاية، فكانت صناعة الغزل لإنتاج الحرير وخيوط القطن مع بعض الصناعات الأخرى التي كانت أوّل المجالات التي عمل عليها اليابانيّون، حيث أنَّ الذي أدارَ هذه الشركات هو القطاع الخاص، وعمل الموظَّفون فيها بفتراتٍ نهاريَّة وليليّة، الأمر الذي ساعد المصانع بالعمل على مدار 24 ساعة، ممَّا أدّى إلى إنتاج كميَّاتٍ ضخمة من القطن، وكان عُمّال المصانع يعملون لساعاتٍ طويلة مقابل أجورٍ زهيدة، وبسبب ازدهار إنتاج الغزل؛ تمَّ إنشاء العديد من المصانع المماثلة التي بدأت بالإنتاج والتصدير لخيوط القطن والحرير للخارج، كما حقَّقت اليابان ثورةً صناعيَّة في مجال الصناعات الخفيفة.

ويعد تطوُّر الصناعة في اليابان العامل الأساسي في نموِّ الاقتصاد الياباني، وفي ثلاثينيَّات القرن الماضي، ازدهر الإنتاج الصناعي بسرعةٍ أكبر من القطاعات الأخرى، خصوصاً في مجال الصناعات الثقيلة، وتخطّت اليابان معدّل النموِّ الصناعي، متفوِّقةً على كُلِّ الدُّول الصناعيَّة غير الشيوعيَّة خلال السبعينيَّات وأوائل الثمانينيات، الأمر الذي ساعد الصناعة في اليابان على التنوُّع، إضافةً لإدخال التكنولوجيا الحديثة في الصناعة عام 1997م، والبدء بتنفيذ وتطبيق أفضل معايير الكفاءة، مما جعل المجال الصناعي يُشكّل حوالي 38% من إجمالي الناتج المحلِّي لليابان، لكن تأثّرت صناعة اليابان بالأزمة الماليَّة الآسيويَّة التي عصفت بالمنطقة خلال ذات العام الذي انضمَّت فيه هونغ كونغ إلى الصين، مما أثّر على نموِّ الإنتاج الصناعي في البلاد، وحتَّى بدأ الإنتاج الصناعي بالتعافي بحلول عام 2000 م، لكن هذا التعافي لم يدُم لوقتٍ طويل، بسبب عودة الإنتاج الصناعي للتباطؤ بعد تأثُّره بتراجع الاقتصاد العالمي، والذي أثّر على العالم خلال عام 2001م؛ بسبب هجمات 11 سبتمبر على بُرجي التِّجارة في الولايات المُتحدة الأمريكيَّة، واستمرَّ هذا الانخفاض لغاية عام 2002م، لكن بنسبة لم تتجاوز 1%.

تميَّزت اليابان في إنتاج الصناعات المتطوِّرة، وتُعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم تطوّراً، وهي عضو بمجموعة الدُّول السَّبع (G7)، وفق صندوق النَّقد الدَّولي، ومن أهم الصِّناعات اليابانيَّة التي طوَّرت على مدى السنوات السابقة، هي :

 

  • تصنيع الآلات الكهربائيَّة:

 والتي تحتل المركز الأوَّل في الصناعة اليابانيَّة، ويأتِ في المرتبة الثانية تصنيع الآلات غير الكهربائيَّة، أمَّا في المرتبة الثالثة تحتلّها تصنيع مُعدَّات النقل، أمّا الصناعات الإلكترونيَّة التي تطوّرت بسرعة هائلة خلال الثمانينيَّات، وتعد الآن الأولى على مستوى العالم من حيث الجودة، في حين تُنتج اليابان أجهزة الكمبيوتر، والأجهزة الآليَّة، والآلات الحاسبة، إضافةً لمعدَّات الاتصالات والبثِّ الإذاعي، وغيرها الكثير من الأجهزة الإلكترونيَّة الأخرى، كما تُعتبر اليابان رائدةً في تصنيع السُّفن وتصديرها، ويُضاف إلى ذلك تصنيع سيَّارات الرُّكوب منذ سبعينيَّات القرن الماضي، لتلبية الطلبات المتزايدة على السيَّارات في الولايات المتحدة وأوروبا، ويذكر أنَّ اليابان أصبحت في أوائل الثمانينيات المنتِج الأوَّل للسيَّارات في العالم، وحافظت على نموّها في مجال إنتاج السيَّارات، حتَّى أصبحت اليوم تحتل المركز الثاني في سوق السيَّارات العالمي.

 

  • الصناعات الكيماويَّة والبتروكيماويَّة:

 وتعتبر هذه الصناعة من القطاعات الأساسية التي ساهمت في نمو الاقتصاد الياباني في أواخر الستينيات، وتضم المنتجات الكيميائيَّة الصناعيَّة (الأسمدة، حامض الكبريتيك، الصودا الكاوية، المواد البلاستيكية، الدهانات، الأصباغ، المنظفات الصناعية).

 

  • إنتاج المنسوجات والملابس:

وتعتبر هذه الصِّناعة من صادرات اليابان الأساسيَّة، فهي تُنتج الأقمشة القطنيَّة والصوفيَّة، إضافةً للحرير الصناعي.

 

  • الزِّراعة:

تُساهم الزِّراعة بحوالي 1.4% من الناتج المحلِّي للبلاد، وحوالي 12٪ من الأراضي المناسبة للزِّراعة في البلاد، وأنَّ نسبة الاكتفاء الذَّاتي الزِّراعي يُشكِّل حوالي 50% من حاجة اليابان، والأراضي الريفيَّة لديهم مليئةً بحقول الأرز، فاليابان تُعد من أكبر منتجي الأرز، ويتمتَّع قطاع الزِّراعة في اليابان بحماية ودعم الحكومة بفضل العديد من التشريعات التي تُفضِّل الزِّراعة على نطاقٍ صغير بدلاً من الزِّراعة الواسعة، ويُعتبر الأرز الأكثر حمايةً في اليابان، ويخضع لتعرفة جمركيَّة بنسبة تصل إلى 777.7%.

كما تستورد اليابان كميَّاتٍ هائلة من القمح وفول الصويا.

 

  • الصناعات التحويلية :

تُعتبر اليابان من الدُّول الرائدة بالصناعات التحويليَّة واستخدام التطوُّر التكنولوجي، ويُذكر من هذه الصناعات تصنيع السيَّارات والإلكترونيَّات، والألياف الضوئيَّة، والفاكس، والدرَّاجات الناريَّة وغيرها، إضافةً لإنتاجها الأغذية المُصنّعة، كما تمثِّل الصناعة التحويليَّة في البلاد 24٪ من الناتج المحلِّي الإجمالي لليابان، وتتركَّز مُعظم الصناعات التحويليَّة في منطقة كانتو التي تُحيط بمدينة طوكيو، ومنطقة كانساي التي تُحيط بمدينة أوساكا، كما أنَّ اليابان رائدة في الكيمياء الحيويَّة، وعمليَّة التخمير بصناعة المواد الغذائيَّة، والشركات اليابانيَّة تواجه منافسةً شديدة من منافسين ناشئين في الصين، وكوريا الجنوبيَّة، والولايات المتحدة.

ونذكر بعضاً من شركات السيَّارات في اليابان، وهي: (تويوتا، هوندا، نيسان، سوزوكي، مازدا، ميتسوبيشي)، وهناك شركاتٍ للدرَّاجات الناريَّة، مثل: (Yamaha و Kawasaki و Suzuki و Honda).

 

  • صيد السمك:

استخدم الصيَّادون اليابانيُّون القوارب متوسطة الحجم، والسُّفن الكبيرة لصيد الأسماك، كما يتضمّن الصيد العديد من الأنواع، مثل السَّردين، وسمك التونة، والسلمون، والبطلينوس، وبولوك، والماكريل، والحبّار، وسرطان البحر وغيرها الكثير.

كما يوجد قرابة الـ 300 نوع من الأسماك بمختلف أنهار البلاد، بحيث تضم هذه الأنهار سمك السلور وسمك الرِّنجة، وجراد البحر، وسرطان البحر، والكركند

والجدير بالذِّكر أنَّ مزارع الأسماك المفرّخات تمثِّل حوالي 30% من صناعة صيد الأسماك في البلاد، لأنَّ اليابان تعمل على تربية الأحياء المائيَّة في المياه العذبة والبحريَّة في جميع محافظاتها الـ47، إضافةً لامتلاكها أكبر أسطول صيدٍ في العالم، بنسبة 15٪ من إجمالي المصيد بالعالم ، ممَّا أدَّى لنفاد مخزون الأسماك في اليابان، كسمك التونة.

 

  • السياحة في اليابان:

تُعتبر السياحة صناعةً متنامية دوماً، ففي عام 2012، استقبلت اليابان ما يزيد عن 8.3 مليون زائر من كافَّة أنحاء العالم ، لتُصبح الأكثر زيارةً في كل منطقة آسيا والمُحيط الهادئ، وفي عام 2013، ارتفع عدد السيُّاح إلى 11.25 مليون سائح، ويرجع ذلك لضعف الين، وسهولة الحصول على التأشيرة بين دول جنوب غرب آسيا.

ومن بعض الأماكن الشهيرة في البلاد مناطق شيبويا وأساكوسا وشينجوكو وجينزا بطوكيو، إضافةً لأماكن أخرى، هُما مدينتي كيوتو وأوساكا، وهوكايدو التي تملك الكثير من منتجعات التزلُّج على الجليد، كما تُعد قلعة هيميجي معلماً سياحيَّاً شهيراً في البلاد.

وهناك صناعات مُهمَّة أخرى تضم صناعات التعدين واستكشاف النفط، إضافةً لصناعة الخدمات، مثل التأمين والاتصالات، والخدمات المصرفيَّة والنَّقل.

 

أسباب نهضة اليابان

استطاعت اليابان إحداث نموٍّ اقتصادي كبير نال إعجاب كافَّة دول العالم، وبحسب ما توصَّل له الباحثون الغربيّون بأنَّ هُناك عِدَّة استراتيجيَّات أدَّت لنهضة اليابان المذهلة، ونذكر منها:

  • صناعة السيَّارات التي غزت الأسواق العالميَّة لحدٍ كبير، وكان إنتاجها يُنافس إنتاج الدول العُظمى.
  • جعل مصلحة اليابان الوطنيَّة أوّلاً لدى القادة والمواطنين، فكانوا يقدِّمون مصلحة بلدهم فوق مصالحهم الشخصيَّة، أو مصالح مؤسَّساتهم.
  • القيادة المُنظّمة، حيث تُعد اليابان من أكثر قيادات العالم تنظيماً، فهي ترسم طريقها نحو تحقيق الأهداف التي تريد الوصول لها، ضمن إطار الاحتياجات والقيم الوطنيَّة.
  • التزام القادة والموظَّفين في أداء أعمالهم على أكمل وجه، ويُتابع المسؤولين في اليابان كل ما يجري في المؤسَّسات والمصانع، بعيداً عن التصريحات الصحفيَّة والتصوير.
  • عدم وجود علاقات عدائية، فبناء العلاقات في الاقتصاد الياباني يستمد سلوكه من الأعراف اليابانيَّة المبنيَّة على التسامُح والتعاطُف، أمَّا المُنافسة فيها فهي مبنيَّةٌ على أساس الثقة المُتبادلة، والمصلحة المشتركة، والمنافسة السليمة، بعيداً عن العدائيَّة.

 

 

 

 

مقالات متعلقة في صناعات