توت عنخ آمون

توت عنخ آمون، من هو توت عنخ آمون، انقلاب الابن توت عنخ آمون على إرث الأب الملك أخناتون، الوفاة الغامضة لتوت عنخ آمون، لعنة قبر توت عنخ آمون، التفسير العلمي للع

  • 617 مشاهدة
  • Feb 06,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب طارق منير ناصر الدين
  • ( تعليق)
توت عنخ آمون

توت عنخ آمون

الفرعون المغدور 

 

توت عنخ آمون؛ من أشهر الفراعنة عبر التاريخ، لا يُنازع مجده أحداً سبقه أو تلاه، ليس لمجدٍ عسكري حقَّقه، أو عِمراني بناه فخلَّده، يُعد اكتشاف قبره كاملاً دون تلفٍ أو سرقة؛ وما حمل معهُ ذلك الكثير للتاريخ، وكشف خفايا كانت غامضة عن حضارة الفراعنة، السبب في شهرته العالميَّة.

 لا يُذكَرُ الفراعنة إلا وترافق مع الذِّكر صورة الوجه الذَّهبي القناع، والذي غطَّى التابوت الملكي، إنَّه الفرعون الصغير الذي تقلَّد حكم أبيه في سنِّ التاسعة من العُمر، في مرحلةٍ من الفوضى الفكريَّة في البلاد بين القديم والحديث.

الفرعون توت عنخ آمون؛ الفرعون الغامض منذ تولِّيهِ الحُكم، إلى مرحلة انقلابه على موروث أبيه، والعودة عن دين التَّوحيد والولاء لـ(آتون راع) إله الشمس، والولاء نحو (آمون) إله القمر، وتعدُّد الآلهة، فرعونٌ غامضٌ حتَّى في وفاته المبكِّرة عن عمر التاسعة عشرة، فما هي حكايته، وما هي الرُّموز التي مكنتنا من فكِّ شيفرة حقيقته، تعالوا نغوص في أعماق التاريخ معاً، ونكتشف خفايا هذا الفرعون الإشكالي المُثير للغرابة والدَّهشة، ذلك الفرعون الذي لاحق كُلَّ سارقيه بالموت واللعنة بين موتٍ وشنقٍ وانتحار.

 

من هو توت عنخ آمون

 وُلد الفرعون الصغير توت عنخ آتون عام  1341، وتوفي عام 1323 ق.م، وبالطبع أنتم تعلمون أحبتي أنَّ التاريخ قبل الميلاد يُقاس بطريقة عكسيَّة نحو الحاضر، ولد في مدينة (أخيتاتون)، أي مدينة أفق ومجد الآلهة آتون، وقد بناها الفرعون أمنحوتب الرَّابع أخناتون والد الفرعون الصغير توت عنخ أتون؛ لتكون العاصمة الجديدة للإمبراطوريَّة الفرعونيَّة آنذاك، وتُدعى اليوم المدينة بـ(تلِّ العمارنة).

 وُلد الصغير باسم (توت عنخ آتون)، وتعني باللغة الهيروغليفيَّة - لغة الفراعنة - الصورة الحيَّة لآتون والمُفيد لآتون، لكن بعد وفاة والده أخناتون، واستلام الصغير مقاليد الحكم؛ تغيَّر اسمه من توت عنخ آتون إلى اسم توت عنخ آمون.

هو أحد فراعنة الأسرة الثامنة عشر التي حكمت مصر، ودام حكم الفرعون الصغير من عام 1334 ق.م، إلى سنة 1323، أي سنة وفاته عن عُمرٍ يُناهز 19 عاماً فقط.

هناك إشكالٌ حتّى يومنا هذا حول هويَّة والدته، وتتشابك الروايات؛ فهل هي الفرعونيَّة العظيمة نفرتيتي زوجة أمنحوتب الرَّابع أخناتون، أم هي السيِّدة الصغيرة التي اكتُشفت موميائها حديثاً في المقبرة (KV35)، وقيل أنَّها ابنة أخناتون؛ وأمُّ أخيها توت عنخ آمون، لكنَّ عُلماء الآثار المصريُّون يتقرَّبون من رواية أنَّ نفرتيتي هي أم الفرعون الصغير توت عنخ آمون، حيث أنَّه لا يوجد ما يوثِّق زواج أخناتون من بناته.

 

انقلاب الإبن على إرث الأب

كما أسلفنا سابقاً أنَّ الملك أخناتون مات مقتولاً، حيث يُعتبر أخناتون الفرعون الأوَّل بين الفراعنة الذي أنقلب على كهنة مصر؛ حيث كانت مصر مُمزقةً بين كهنة آمون وكهنة آتون، وعددٌ كبير من الآلهة، وحين أصبح الفرعون أمنحوتب الرَّابع ملكاً؛ غيَّر المُعتقدات ووحَّد الآلهة المصريَّة بآلهٍ واحد، وعبادة واحدة لآتون، وأسَّس ديانةً توحيديَّة جديدة ضربت مصالح الكهنة، والتجار، والمُنتفعين من أموال الرعيَّة المُقدَّمة لمعبد آمون، ناهيك عن التغيير الجذري في بُنية الحكم، وإبعاد الكهنة عن الحكم، وتوحيد كهنة القطرين، فكان لا بُدَّ من التخلُّص من أخناتون من قبل الكهنة والتجار، وكان لهم ما خطَّطوا له، وعند وفاته عادت مصر لعبادة آمون، وغيَّر الكهنة المسيطرين على الحكم؛ والذين قتلوا أباه أخناتون، ليضعوا الفرعون الصغير الضَّعيف لواجهة الحكم، ويديروا البلاد من خلفه.

استلم الفرعون الصغير الحكم بعمر التاسعة، وأوَّل ما فعلوه تغيير اسم الفرعون من توت عنخ آتون إلى توت عنخ آمون، أي من عبد آتون والصورة الحيَّة له، إلى عبد آمون والصورة الحيَّة له، ومن هُنا نرى أنَّ الطفل الفرعون لم يكن له أيَّ أثرٍ حقيقي أو رغبةً في الانقلاب على أبيه، إذ أنَّ وعيه النقدي والفكري؛ ونظرته للحكم لا يُمكن أن تتبلور في عمر التاسعة، ولا حتَّى وقت مماته في سنِّ التاسعة عشر، وإنَّما الكهنة هم من وجدوا في توت عنخ آمون ضالَّتهم، وعلى رأسهم وزير الدَّولة (آي)، والذي يُعتقد أنَّه وراء مقتل أخناتون، وهو من دبَّر مقتل توت عنخ آمون حسب بعض الرِّوايات التي رجَّحت مقتله على وفاته مرضاً.

 

 

  الوفاة الغامضة للفرعون الصغير

اختلفت الروايات حول مقتل الفرعون توت عنخ آمون، فهناك من يرجِّح مقتله كما ذكرنا على يد وزيره الكاهن (آي)، الذي دبَّر مقتل الفتى الصغير بالتعاون مع القائد العسكري لجيوش الفراعنة (حور محب)، وذلك بعد أن قتلوا والده، وسيطروا على حُكم مصر من خلاله، ويُذكر أنَّ الوزير (آي) تزوَّج من أخت توت عنخ آمون وزوجته (عنخ آسن آمون) بعد موت الفرعون الصغير، واستلم مقاليد الحُكم عنه، ولذلك هناك من يُرجِّح فرضيَّة أنَّ الوزير (خبر خبرو رع آي) خطَّط لمقتل توت عنخ آمون لينفرد بالحكم.

غير أنَّ بعض المؤرِّخين والباحثين في المصريَّات وتاريخ الفراعنة يستبعدون مقتل توت عنخ آمون؛ رُغم موافقتهم على أنَّ الوزير آي تزوَّج من زوجة الفرعون بعد موته، واستلم الحُكم عوضاً عنه، لكنَّهم يقولون أنَّ آي لم يلبث أن تنازل عن الحُكم للوزير الثاني في البلاط، ولم يدم حكمه سوى سنةً واحدة، وأنَّ آي بالفعل قام بفرض أفكاره على الفرعون الصغير الفاقد للقرار الواعي المدرك؛ وغيَّر كل ما عمل والده عليه طوال فترة حكمه، لكنَّه لم يقتله، حيث يُرجَّح أنَّ الوزير آي هو جدَّه، وأن الكسر الذي وُجِدَ في جمجمته ليس بسبب ضربة على الرَّأس؛ وإنَّما يُعتقد أنَّ الطبيب المُحنِّط للفرعون يستخدمها لوضع السائل الذي يتم التحنيط به.

وتذهب التكهُّنات إلى أنَّ توت عنخ آمون كان هزيلاً مريضاً يُعاني من مرضٍ نادرٍ في العظام، ولا يستطيع المشي، ولا مُمارسة حياته كرجُلٍ عادي، وهذا ما يُفسِّر وجود العشرات من العُكازات المزخرفة والذهبيَّة في قبره محفوظةً مع مُقتنياته وكنوزه الثمينة في المدفن الملكي بوادي الملوك، وتقول الأبحاث التي درست جُثَّة الفرعون أنَّ توت عنخ آمون لم يمُت مقتولاً،  ولكن بسبب إصابته بمرضٍ خطير، والمرجَّح أنَّه الملاريا، والبعض يقول أنَّه مات بتسمُّم الدم بسبب الالتهابات الحادَّة بسبب الكسر الذي أصاب فخذه الأيسر، لأنَّ الفرعون اليافع كان ذو جسدٍ نحيل، ومناعته ضعيفة، فلم يُقاوم المرض الذي تمكَّن منه وفتك به.

وهناك رواياتٌ تقول أنَّ الكسر الذي في عظم ساقه كانت بسبب سقوطه وهو يقوم بالسباق على عربات الأحصنة، فأدّى هذا الحادث إلى وفاته، لكنَّ الرواية رغم وجود مؤيدين لها أجدها بعيدةً عن الحقيقة؛ حيث أنَّ توت عنخ آمون كان مريضاً شبه عاجز ذو جسدٍ هزيل، لا يستطيع أبداً ركوب العربات  حتى يقع عنها في السباق، رُغم وجود عربة مذهبة في مقتنياته الثمينة في قبره.

ويتحدَّث التقرير السيني لتصوير المومياء أنَّ الكسر بالفخذ جاء بعد الموت؛ بسبب هشاشة عظام توت عنخ آمون، وسوء التعامل مع الجثَّة من قبل الأطباء المحنِّطين.

  

لعنةُ قبر الفرعون الصغير تلاحق السارقين

من مِنَّا لم يسمع بلعنة الفراعنة، ولعنة قبور ملوكهم، والتعويذات التي صارت مادَّةً لأغلب أفلام هوليود، وألعاب الفيديو، والقصص الرِّوائية، أو حكايات الرُّعب والخيال، تلك اللعنة المرافقة لكلِّ من يتجرَّأ على قبر الفرعون، والمساس أو العبث به، أو التطاول على مُمتلكات الفرعون وسرقتها.

قبل أن نتحدَّث عن اللعنة؛ جديرٌ بالذِّكر عزيزي القارئ أن تعلم أنَّ الفراعنة كانوا يؤمنون بأنَّ الحياة الخالدة ما بعد الموت هي من نصيب الفراعنة، لأنَّهم آلهةً وسيعودون من الموت، ويتقمَّصون من جديد، لذا كان العُرف عند الفراعنة عند وفاة أيِّ فرعون أن يحتفظوا بجسده سليماً؛ لكي يعود بعد الموت، وكانوا يدفنون معه كُلَّ مُمتلكاته القيِّمة من ذهبٍ وفضَّة، وكل ما هو ثمينٌ ونفيس، وكل مُقتنيات الفرعون التي له حاجةٌ بها بعد أن يعود للحياة، وطبعاً خوفاً من اللصوص وسرقة القبور؛ كانوا يطلبون من الكهنة أن يقوموا بوضع تعويذاتٍ تُبعِد السَّرقة، وتُنزِل أشدَّ اللعنات والعقاب لكُلِّ من  يتجرَّأ على دخول قبر الفرعون، وبما أنَّ الشعب آنذاك كان يؤمن بـ (آمون و رع)، والآلهةِ المصريَّة القديمة، تجد عزيزي القارئ أنَّ جُدران القبر حُفّرت عليها تعويذاتٍ تطلب من آمون والآلهة أن تُنزل الموت على كُلّ من يدخل القبر لإخافة السارقين، وحماية كنوز الفرعون.

وبالعودة للفرعون الصغير توت عنخ آمون، ولقبره الذي كان له السَّبب الأوَّل لجعل الشاب المريض العليل الذي لم يحكُم مصر إلا بضع سنواتٍ فقط، من أشهر الفراعنة، وأكثرهم حضوراً في التاريخ الحديث، فما هي حكاية لعنة توت عنخ آمون، وما هو السِّر الكامن وراء كلّ هذا الغموض، والقتل المتكرِّر لكل من فتح قبره وحاول أن يبحث في سبب وفاته، أو سرق شيئاً من كنزه العظيم؟.

هناك رواياتٌ عدَّة تتحدَّث عن اللَّعنة المُلتصقة بقبر توت عنخ آمون، فما هي:

  • الرواية الأولى:

تتحدَّث عن التعويذات التي نُقشت على القبر، والتي وجدت بكثرة في قبره، وكانت مهدِّدةً بالموت والمرض لكلِّ داخلٍ لهذا القبر، فنجد تعويذةً نُقشت على الجدران باللغةِ الهيروغليفيَّة تقول:

"سيضرب الموت بجناحيه السَّامين كُلَّ من يُعكِّر صفوَ الملك توت عنخ آمون".

ولعنةً أُخرى أشد غموضاً، وأكثر حزماً وتهديداً، تقول:

"اللعنة على من يُزعجون الفرعون، يجب عليهم أن يُلاقوا الموت من مرضٍ خطير، لا من طبيبٍ يُمكنه تشخيصه".

والصدفة المحيِّرة أنَّ أغلب من كانوا مع الباحث (هاورد كارتر)، حين تمَّ فتح القبر قد ماتوا بعد فترةٍ من الزَّمن بظروفٍ غامضة، فالمصوِّر مات بعد سنة، والمرافقين له في البعثة أغلبهم ماتوا، ولم يُعرف سبب المرض، وشُخِّصت حالتهم بالتهابٍ رئويٍ حاد لم يعرف مصدره، حتَّى المُموِّل الشهير ( اللورد كارنافون )، والذي موَّل (هاورد كارتر) لسنواتٍ عِدَّة أثناء التنقيب عن قبر الفِرعون توت عنخ آمون بوادي الملوك، قد مات بعد عِدَّة أشهر، وهناك حادثةٌ نُقلت عن أحد أصدقاء هاورد كارتر، حيث أخذ كارتر إسوارة من القبر وهداها لصديقه المُقرَّب، وكان قد كُتِبَ عليها (توت عنخ آمون)، والعجيب الغريب أنَّه احترق منزل الشخص، ثُمَّ غرق بطوفانٍ اجتاح الولاية حينها، ودُمِّر بيته بالكامل، والصادم بالحادثة أنَّ الإسوارة كتب عليها تعويذةً لم يكن يعرف هاورد معناها، تقول:

"ملعونٌ الذي يُحرِّك جسدي، يجب أن تأتي له النَّار والماء والأوبئة".

بالإضافة لحكاية موت الأمير (همال فهمي بيه)، الذي توفي بعد سنة من زيارته للقبر الفرعوني، والنائب البريطاني (أوبري هربرت) الذي أصيب بالعمى تماماً بعد فترةٍ وجيزة من زيارة القبر، ثُمَّ ما لبث أن مات بتسمُّمٍ في الدم.

واستمرَّت سلسلة الأحداث، حيث توفي الأخ الغير الشقيق للورد (كارنارفون) بتسمُّمٍ الدم، وقُتل المليونير الجنوب إفريقي (وولف جويل)، بعد أشهرٍ قليلة من زيارته للمقبرة الملكيَّة، ثُمَّ توفى المموِّل (جورج جاي جولد)، بسبب حُمَّى بعد سِتَّة أشهرٍ من زيارته للمقبرة أيضاً، ومن بين الوفيات الأخرى التي نُسبت إلى اللعنة، وفاة السير (أرشيبالد دوغلاس ريد)، وهو أخصائي أشعَّة قام بعمل أشعَّة لمومياء (توت عنخ آمون)، وقد توفِّى بمرضٍ غامض.

ثُمَّ أتت صاعقةً موت الباحث ( إفران واي)، والذي كان من أوائل المُستكشفين لقبر توت عنخ آمون؛ والذي مات منتحراً شنقاً، وكتب حينها رسالةً غامضةً قال فيها: "لقد استسلمتُ للَّعنة"، ثُمَّ أتى مقتل الباحث الشهير في متحف اللوفر (جورج بندش)، الذي قُتِل بظروفٍ غامضة هو وزميله بعد زيارتهم للقبر الفرعوني عام ١٩٢٦م، ثُمَّ ما لبث أن قُتِل بعدها عالم الآثار المصريَّة البروفيسور (إيرن إمبر)، بطريقةٍ مُرعبة وعنيفة في بيته، ثُمَّ مقتل الباحث (إيسي ماسي)، الباحث الذي تلا هاورد كارتر في دراسته للقبر، حيث كان مُداوماً هناك، حتَّى مات عام 1928م، في نفس المستشفى الذي مات فيها مُموِّل البعثة، ثُمَّ مقتل سكرتير هاورد كارتر عام 1929م، حيث وُجِدَ مقتولاً في سريره، ويا لها من صدفة؛ حيث انتحر والد سكرتير كارتر بنفس الوقت بعد مقتل ابنه. 

كُلُّ هذا الموت المُتلاحق، والصدف الغريبة المُرتبطة بكل من فتح القبر، وكان لحظة اكتشافه، أشاع حالةً من الرُّعب لدى عامّة الناس في مصر، والتي قالت أنَّ توت عنخ آمون عاد لينتقم من سرقة قبره والعابثين به، حتَّى غدت اللعنات ذات شهرةٍ كبيرة في حينها.

طبعاً هناك تفسيرٌ علميٌّ لكُلِّ ما حصل؛ وكان خفيَّاً في تلك الفترة، فما هوَ؟.

  • الرواية الثانية:

وهي التفسير العلمي لكل ما حصل للبعثة، وقد أجابت عن سبب موت أغلب بعثة هاورد كارتر ومن رافقها ودخل القبر، ومن تلاها، السرُّ الكامن هو بالقبر والمومياء المُحنَّطة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عامٍ قبل الميلاد، أي منذ حوالي  خمسة آلاف عام، فقد بقي السِّر وراء موت كُل من يدخل القبر الفرعوني؛ إلى أن تمَّ الفحص الجيني للمومياء من قبل عُلماء الوراثة والجراثيم الذين اكتشفوا نوعاً خطيراً قاتلاً من البكتيريا لم يعرفوه من قبل موجودةً في المومياء، وكانت سبباً في موت كل من كان لحظة فتح القبر، أو من سرق من كنوز القبر حينها، حيث قالوا أنَّ هذه البكتيريا القاتلة ربَّما انبعثت من المومياء وكانت حبيسة القبر منذ قرون، وهنا العلم قد كشف لنا سر اللَّعنة التي رافقت موت أغلب العلماء الذين اكتشفوا قبر توت عنخ آمون، ولكن ما سر موت المموِّلين والباحثين فقط، ما هي هذه الصدفة، فلماذا لم يمت كل أفراد البعثة البالغ عددهم 26 فرد؟

هذا السؤال اللغز الذي فتح عِدَّة روايات مرعبة عن القبر، وكنوز ذلك القبر، وما خفي كان أعظم.

  • الرواية الثالثة:

تتحدَّث عن الكنوز الهائلة؛ والتي فاقت ألـ 5000 قطعة، ويُعتبر كنز الفرعون توت عنخ آمون أوَّل اكتشافٍ لمقبرة ملكيَّة لم تُسرق، ولم تُنهب منذ أكثر من خمسة آلاف عام، لَكَ أن تتخيَّل حجم الذَّهب الذي وجد في القبر، وكان القتل والتصفية لكل من حاول أن يكشف في حينها ما هرَّبه المموِّلون للبعثة، والباحثين والقيِّمين على البحث حينها، ناهيك عن وجود بعض المخطوطات التي تُغيِّر وجه التاريخ حسب بعض الباحثين؛ والتي كان لا بُدَّ من إخفائها عن العالم، لكي لا تُزعزِع استقرار الكثير من المُعتقدات السائدة اليوم حسب زعمهم وزعم من خفاها وخبَّئها.

  • روايةٌ أخرى:

تتحدَّث هذه الرواية عن عملٍ سرِّي قامت به منظَّمات سريَّة لا زالت تتكتَّم على معتقداتها وأفكارها، وتستخدم كلَّ شيءٍ يُمكن فعله؛ من القتل إلى التصفية لكي لا تُكتشف أسرارهم، وتُعتبر تلك المنظَّمات تُراث الفراعنة السرِّي هو بيت أسرارهم، ولا يقبلون أن يُكشف للعلن، وهذا ما دفعهم لقتل كلِّ باحثٍ أو مموِّل، أو جنرال أو سياسي حاول البحث والاقتراب من مقبرة توت عنخ آمون المليئة بأسرار تُغيِّر وجه التاريخ.

وهناك مؤرِّخ اطلع على بعض مذكَّرات قاتل خطير، وسفَّاح يُدعى (أليستر كراولي)، وهو من عبدة الشيطان، وآخرون يقولون أنَّه ينتمي لمنظَّمات سريَّة أكثر خطورة، وقد دفعوه لقتل الباحثين، ودخول بيوتهم لسرقة الوثائق التي سرقوها من قبر الفرعون، ويعتقد الكثيرون أنَّ أليستر فعلاً قد قتل العديد منهم؛ حيث أنَّه كان يقطن بنفس المدينة التي عاش فيها الباحثين والسكرتير الخاص لهاورد كارتر.

فربَّما قتلهم - كما ذكر- لسرقة ما سرقوه من القبر وإخفائه، حيث اعترف كراولي بقتلهم، وقال أنَّهم أزعجوا رُقاد الفرعون العظيم، وكان يجب أن ينالوا جزائهم ويلاقوا حتفهم.

أيَّاً كانت من تلك الروايات صحيحةً أكثر، فلا يهُم بقدر أهميَّة الفرعون الصغير الذي ذاع صيته، ولم يغب مجده حتَّى اليوم، وكم من قبورٍ ملكيَّة اكتُشِفَت كانت أعظم واكبر، ولِفراعنةٍ من أسرٍ كان لها وقعٌ وصدى لا يُجاريه توت عنخ آمون، ولكن التاريخ يُسجِّل على صفحاته كُلَّ من جاءه فاتحاً، وعابراً، وعظيماً، وقويَّاً، وتبقى التدوينات الإنسانية للتاريخ نسبيَّة ومُختلفة، وتمجِّد ما تراه من جهتها أنسب، ولكن لا يعني اندثار باقي عُظماء الأسر المدفونة في صحراء مصر، وسيفتح التاريخ صفحةً جديدة لفراعنة ما زل الباحثون على شغفٍ بلقائهم، واكتشاف قبورهم، وخفايا وكنوز ورموز تُطلعنا أكثر على عظمة الفراعنة.