مرحلة الطفولة المبكرة دراسة وتحليل,مدراس الطفولة المبكرة,الطفولة المبكرة,إدارة الطفولة المبكرة,الصدمات النفسية المبكرة,التعافي من صدمات الطفولة,طفولة قاسية.
هي الفترة الممتدة من نهاية العام الثاني وحتى نهاية العام الخامس من ميلاد الطفل أي هي رحلـة الطفل عبر العام الثالث والرابع الخامس من عمر الطفل ، وتم اختيار اسم الطفولة المبكرة تبعـا للأسـاس البيولوجي النمائي، وهناك مسميات أخرى تعتمد على الأساس الفلسفي للتقسيم ، فمثلا هي المرحلة القضيبية ً تبعا للأساس الجنسي عند فرويد، ومرحلة المصلحية والفردية تبعا للأساس الأخلاقي الكولبرج.
وهي مرحلة المبادأة في مقابل الشعور بالذنب ً تبعا للأساس النفسي الاجتماعي عند اريكسون، وهي مرحلة ما قبل العمليات تبعا للتقسيم المعرفي لبياجيه ، وهي مرحلة طفل ما قبل المدرسة ً تبعا للأساس ا لتربوي ، ً وأخيرا فهي مرحلة ما قبل التمييز وفقا للأساس الشرعي الإسلامي. ونظرا لشيوع استخدام لفظ الطفولة المبكرة للإشارة إلى أن هذه المرحلة فسوف يلتزم الباحث بهذ ا المسمى خلال هذا البحث.
تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة من المراحل المهمة في حياة الإنسان والتي بدأها بالاعتمادية الكاملة على الغير ثم هو يترقى في النمو نحو الاستقلال والاعتماد على الذات، ففي مرحلة الطفولة المبكـرة يقـل اعتماد الطفل على الكبار ويزداد اعتماده على نفسه وذاته ويتم فيها الانتقال من بيئة المنزل إلى بيئة الحضانة ورياض الأطفال حيث يبدأ في التفاعل مع البيئة الخارجية والمحيطة به، مما يمكنه من التعامل بوضوح مع بيئتة مقارنة بمرحلة المهد.
وفي هذه المرحلة تبدأ عملية التنشئة الاجتماعية وإكساب القـيم والاتجاهـات ، والعادات الاجتماعية ويتعلم فيها التمييز بين الصواب والخطأ وإن كان لا يفهم لماذا هو صواب أو خطأ. لقد اهتم العلماء بهذه الفترة وصرفوا جزء ً كبيرا من أبحاثهم لدراسة هذه المرحلة يقول: علماء النفس وقد اجمعوا على أهمية مرحلة الطفولة المبكرة وأنهـا في غاية الأهمية فمدرسة التحليل النفسي مثلا ركزت على هذه المرحلة ً تركيزا ً بالغا ففرويد مثلا يـرى أن شخصية الفرد تتكون خلال الخمس سنوات الأولى والتي تشكل مرحلة الطفولة المبكرة منها ثلا ث سـنوات يعتبرها من مراحل النمو الحرجة التي تشكل خبرات الطفولة فيها شخصية الفرد.
كذلك اهتمت أنا فرويد بهذه غير أنها قالت بأن خبرات الطفولة تعتبر مشكلات حاضرة بالنسبة للأطفال ( الغامدي ، 2000 م) كذلك هورني وفروم وسوليفان وأريكسون أشاروا إلى أهمية الطفولة المبكرة. ً فمثلا سوليفان وأريكسون يرون المراهق السوي هو الطفل الذي مر خلال طفولته بنمو سوي “أن الأحداث خلال مرحلة الطفولة المبكرة تلعب ً دورا ًُ هاما في تشكيل شخـصية الفرد وهو ما يؤثر على طبيعة الشخصية خلال المراهقة ، فالطفل السوي ً نفسيا تكون فرصة عبوره للمراهقة محفوفة بالنجاح أكثر من غيره.
هي عبارة عن المهمات النهائية التي يتوجب على الإنسان أن يتعلمها ويحققها ً تحقيقا مسبقاً. ويعرفها ( الهنداوي ، 2002 م (22 – “بمدى تحقيق الفرد لحاجاته وإشباعه لرغباته وفقا لمستويات نـضجه وتطـور خبراته التي تتناسب مع سنه “ولذلك فمطلب النمو ومظاهر النمو في مرحلة الطفولة المبكرة هي عبارة عن مجموعة من الحاجات التي تهر خلال فترة زمنية معينة ويتوافق فيها جميع الأفراد.
ويعتمد نجاح الفرد في تحقيقه لمهمة من مهمات النمـو ً مـشروطا بتحقيقه للمهمة السابقة أي أن النجاح يولد النجاح كما يقول ( علاونة ، 2001 م: " (22 لقد أكـد هافجيرسـت وجهة نظر أريكسون في أن فشل الطفل في اكتساب مظهر مبكر من مظاهر النمو قد يسبب له مشاكل فـي مراحل نموه اللاحقة ". ويعتبر هافجيرست أول من اهتم بدراسة هذا المفهوم حول مطالب النمو.
وفيما يلـي بعض مظاهر النمو في مرحلة الطفولة المبكرة كما ذكرها هافجيرست: -1 تعلم عادات النظافة. -2 تعلم الكلام. -3 تعلم استعمال العضلات الصغيرة. -4 تعلم التفريق بين الجنسين. -5 تعلم مهارات القراءات والكتابة والحساب. -6 تعلم استكشاف البيئة المحيطة به. -7 تعلم التمييز بين الصواب والخطأ. -8 تعلم التفاعل مع الآخرين. -9 الإحساس بالثقة بالذات وبالآخرين. -10 تعلم تحمل المسؤولية. -11 تكوين مفهوم الذات الإيجابي. -12 تعلم العادات الاجتماعية السليمة. -13 تعلم القواعد والقوانين للعلب الجماعي. -14 تعلم ممارسة الاستقلال الشخصي.
صنف العلماء العوامل المؤثرة في النمو، إلى عوامل وراثية وعوامل بيئيـة، وعوامـل متعـددة “تطورية “فالعوامل الوراثية هي تلك العوامل التي تؤثر على الجنين داخل الرحم في الفتـرة مـن الخليـة الجرثومية أي فترة التكوين الأساسية، حيث تحمل هذه الخلية 23 زوج مـن الـصبغيات والتـي تحمـل الخصائص الوراثية من الوالدين، كيف نكتسب صفاتنا وأمراضنا من آبائنا ؟ ولذلك فمرحلة الطفولة المبكرة لا تتأثر بالوراثة في هذه المرحلة فهي مرحلة تتأثر بتأثيرات الوراثة في المراحل السابقة عليها.
ولذلك فلن يتم الحديث عن العوامل الوراثية في مرحلـة الطفولة المبكرة وسوف يقتصر الحديث على:
أولاً: العوامل البيئية والمختلطة التطورية المتعددة وفق للآتي:
-1 العوامل البيئية / الاجتماعية: البيئة هي مجموعة من العوامل الخارجية المحيطة بالفرد والتي تؤثر ً تأثيرا ً مباشرا أو غير ً مباشرا على الفرد منذ لحظة الإخصاب وحتى نهاية الحياة ، وسوف يتم الحديث عن أهم العوامل البيئية المؤثرة فينمو طفل الطفولة المبكرة وهي:
أ- الأسرة: لا نبعد ً كثرا عن الحقيقة إن سمينا طفل هذه المرحلة بطفل المنزل ، فالطفل يظل مـلازم للمنـزل خلال هذه الفترة في أغلبها من 5 -2 س نوات ، وفي أواخر الطفولة المبكرة ينتقل الطفل إلى الروضة وعليه، فالطفل في هذه المرحلة أكثر ً التصاقا بوالديه فهو لا يفارقهم إلا ً نادرا ويعتبر وجود الأم بجواره وبالذات في بداية الطفولة المبكرة نوع من الأمان لذاته.
ولذلك فالأسرة هي المحضن الأول للطفل وهي الم ؤسسة الغير رسمية الأولى التي تتولى رعايـة وحضانة الطفل، ولذلك فالطفل انعكاس لأسرته ولقيم هذه الأسرة وتبرز أهمية الأسرة في عمليـة التنـشئة الاجتماعية وذلك لأن الاعتقادات والعادات التي يكتسبها الفرد في طفولته تكون نتيجة تقليد وتلقين الوالـدين للطفل وهذه الاعتقادات والعادات والقيم ركيزة لتصرفاته المستقبلية، يقول ( المفدى ، 1423 هـ - (117 “لقد وجدت الدراسات أن النمو الخلقي واتجاهات الفرد واعتقاداته تتأثر بشكل كبير بأسلوب التنشئة ).
كما يتـأثر الطفل ً كثيرا بالعلاقة بالوالدين فالبيئة التسلطية تعيق نمو الأطفال النم و السليم وإلى ذلك يـشير ( علاونـة ، 2001 م ) 107 – “إنالع ائلات المتسامحة ً جدا مع الأطفال تساعد في تقديم نموهم الحركـي أكثـر مـن العائلات التي تكون أقل ً تسامحا، فالتسامح يوفر فرصة أكبر للأطفال كي يتحركوا ..". الوالدين يعملون وبشكل إيجابي نحو سير نمو الطفل وفق السواء ، فهم الذين يكسبان الطفل الثقة في ذاته وقدراته، ويشعرانه بقدرته على الاستقلال والاعتماد على الذات مما يؤهل الطفل إلى المبادأة والقيـام بأعمال مختلفة دون الشعور بالخوف والإحساس بالذنب.
ولذلك فالأم الجيدة التي تساعد الطفل فـي بدايـة الطفولة المبكرة على التشخص السليم الناتج عن إكساب الطفل الثقة اللازمة المؤدية إلى الاستقلال وخلق روح المبادأة لدى الطفل ان سير الطفل بالشكل السابق يعتبر حل ممتاز للأزمات التي تمر به وتفهم رائع من قبل الوالدين لطبيعة هذه الأزمات ومساعدة الطفل على الحل المرضي والسليم.
ب- الروضة: في الفترة المتأخرة من الطفولة المبكرة يدخل الطفل في الغالب رياض الأطفال، مما يمهد للإنتقال من جو المنزل إلى جو شبيه بجو المدرسة غير أنه يغلب عليه اللعب، في رياض الأطفال تتوسع العلاقـات الاجتماعية لدى الطفل لتشمل معلمة الصف ورفاق الصف، والذين يشكلون أول نواة لجماعة الرفاق، ويتعلم الطفل في هذه الفترة قوانين العلاقات الاجتماعية المبسطة بل ويبدأ في ممارسة بعض هذه الاسـتراتيجيات.
فمثلا لن يعود لأخذ كرته من بين زملائه عند عدم رضائه عن أحد الزملاء، بل يبدأ بالإحساس بالمسؤولية نحو زملائه واللعبة فهو يحب اللعب الجماعي ذ ا القوانين يقول:( العنـاني ، 2002 م (157 – “إن اسـتخدام اللعب في تعليم الأطفال في رياض الأطفال ليس مضيعة للوقت كما يعتقد البعض، بل هو أسـلوب فعـال وممتع يعلم الطفل أشياء كثيرة عن نفسه وعن الآخرين والبيئة التي يعيش فيها ".
كما يستطيع الطفل في رياض الأطفال التخلص من الذاتية والتمركز حول الذات من خلال اللعـب الجماعي وسماع آراء زملائه حول نفس الموضوع ويتعلم أن للموضوع الواحد الكثير من وجهـات النظـر المخالفة لوجهة نظره، وتستطيع المعلمة العمل على استثارة ذلك عن طريق طرح العديد من الموضـوعات وإتاحة الفرصة لكل طفل في إبداء رأيه في هذه القضية.
جـ- التغذية: ذكرنا فيما سبق أن مرحلة الطفولة المبكرة تعتبر من مراحل النمو السريع ً نوعا ما، ولذلك فالطفل، يحتاج إلى تغذية جيدة لمواجهة متطلبات هذه المرحلة ويحتاج الطفل كما يقـول “من 1800 -1400 كلوري يوميا من الطاقة “فنموالعضلات ونمو العظام والجهاز العصبي يحتاج لغذاء فإذا نقص هذا الغذاء أو كان غير متوازن أدى ذلك إلى تأخر النمو الجسمي والمعرفي أيـضا.
يقـول: ( علاونـة 2001 م (83 – “إن سوء التغذية نقص البروتين بالأخص في غذاء الأطفال يترك آثار خطيرة ، وذلك لتأثيره على نمو الدماغ والجهاز العصبي عموما “كمايقول). ”إنالتغذية الفقيرة ليست تؤثر فقط على النمو الجسمي بل على سائر مظاهر النمو الأخرى “كمايقول ( الزغبي ، 2001 م) “إن سوء التغذية في الطفولة المبكرة قد يؤثر على جوانب كثيرة من الشخصية وقد يكون من الصعب تعويضه في المراحل اللاحقة . "
د- الأمراض والحوادث التي تصيب الطفل: يتعرض الطفل في هذه المرحلة لأمراض الجهاز التنفسي بشكل متكرر ، يتعرض الطفل في هـذه المرحلة للسقوط من الأماكن المرتفعة لعدم قدرته على تقدير الإرتفاع المناسب للقفز وهذا يعود لضعف النمو العقلي المعرفي وعدم قدرة الطفل على تمثل مفهوم الارتفاع.
ثانيا ً: العوامل المختلطة التطورية “المتعددة": من المعلوم والمسلم به أن الإنسان كائن معقد أشد التعقيد ومتداخل بشكل يصعب معه فصل جـزء عن الأخر، ودراسته بشكل مستقل دون التنبه إلى هذا الكل المتكامل.
إن مظاهر النمو تعتبر عوامل مؤثرة فيما بينها، فالنمو العضوي يؤثر على النمو الخلقي العقلي مؤثر فـي النمو الخلقي واللغوي وكلاهما مؤثر في النمو الاجتماعي وهكذا نلاحظ أن النمو العضوي يؤثر على جميـع مظاهر النمو الأخرى فالنمو العقلي المعرفي يتأثر بالنمو اللغوي ويؤثر فيه، ويظهر ذلك من خلال أن الطفل لا يستطيع أن يتكلم أو يصف أشياء هي ليست ضمن بناه المعرفية، كما أن تمكن الطفل من اللغة يؤدي إلى اكتساب معارف جيدة يضيفها إلى بناه المعرفية.
كذلك فالنمو الخلقي مرتبط بالمعرفي، فإذا كان ضمن البني المعرفية للطفل القيم والصواب والخطأ والأخلاقي وغير الأخلاقي عند ذلك يتسم الطفل بالتفكير الأخلاقـي ولذلك يعتبر النمو المعرفي شرط لازم غير كافي للنمو الخلقي “وهـذ ايـدل علـى الترابط الكبير بينهما.
كذلك الحال بالنسبة للنمو الاجتماعي فهو يتأثر بالمعرفي واللغوي والأخلاقي، فـالنمو العقلي المعرفي يختزن الأساليب اللياقة التي تعمل على إكساب الفرد الكفاءة الاجتماعية والنمو اللغوي يكسب الفرد المهارات والعبارات الاجتماعية المرغوبة، والنمو الخلقي يكسب الفرد القيم الاجتماعية التي يرضـى عنها المجتمع، ويرضى عنها الرفاق ونحو ذلك يقول ( العزة ، 2002 م) يتأثر النمو الاجتماعي بعوامل كثيرة ومنها النمو الجسمي والحركي والفيزيولوجي والنمو العقلي المعرفي وبمستوى الذكاء وسلامة الجهاز العصبي وبالصحة النفسية والرضا ونحو ذلك ".
تتميز هذه المرحلة بزيادة الوزن بالنسبة للذكور والإناث، حيث يبلغ وزن الطفل فـي نهايـة هـذه المرحلة سبعة أمثال وزنه عند الولادة. غير أن الذكور أكثر ً تفوقا من الإناث في هذه الزيادة، وتنتج هذه الزيادة نتيجة نمو العضلات وبخاصة العضلات الكبيرة التي تساهم في تيسير حركة الطفل وتسهيل القيـام بـبعض الأنشطة التي لا تحتاج إلى دقة وتركيز.
وبالنسبة للعظام فتزداد في النمو، محولة شكل الطفل الرضيع إلى شكل الطفل الصغير، كما أن استمرار النمو في منطقة الجذع والأطراف تعطي الطفل مظهر أكثر خطيـة وأقـل استدارة. زيادة طول العظام تظهر في زياد ة طول الطفل في هذه المرحلة حيث يصل إلى ضعفي طوله فـي نهاية هذه المرحلة عن طوله عند الميلاد.
كما يشير إلى ذلك ( أبو حطب، 1999 م) ويتفوق الذكور على الإناث في الطول في نهاية هذه المرحلة، حيث نجد أن قامة الطفـل أقـرب إلـى نـسبة قامـة الراشـد يقـول ( الهنداوي، 2002 م) “إنقامة الطفل في سن الخامسة تعتبر ً أساسا لا بأس به للتنبؤ بطول قامته عند النضج، إذ تصل قيمة معامل الارتباط بين طول القامة في سن الخامسة وطولها في سن الرشد.
أن صورة الجسم لدى الطفل تظهر بوضوح، ويكتمل في هذه المرحلة نمو الأسنان المؤقتة مما يمكن الطفل من تناول الطعام، وفي نهاية هذه المرحلة تبدأ الأسنان المؤقتة ( اللبنية) بالسقوط ً إذان ا ببدايـة ظهـور الأسـنان الدائمة، وينبغي على الوالدين تعليم الأطفال على بعض السلوكيات الجيدة المساعدة عن الاهتمـام بالأسـنان والحفاظ عليها من التسوس. يستمر الجهاز العصبي في النمو في هذه المرحلة ويتفوق نموه على سائر الأجهزة عند الطفل.
قديكون الجهاز العصبي هو أكثر أجهزة جسم الطفل ً استمرارا فـي النمـو فـي هـذه المرحلة، فمع بلوغ الطفل سن الثالثة يصل وزن مخه إلى حوالي %75 من وزن مخ الراشد ويصل إلى %90 من وزنه الكامل في العام السادس ".
وهذا يعني أن تقدم سن الطفل يؤدي إلى زيادة نضج الجهاز العـصبي والذي يعمل وبشكل متسق مع الجهاز العضلي ليشكلا تآزر حركي،كما أن نهاية مرحلة الطفولة المبكرة تتميز بتقارب الانتهاء من تكوين الدماغ للطفل من الناحية البنائية . حيث يستطيع طفل الثالثة الجري بسلاسة والقفز كما يمكنه هذا التآزر من التحكم في حركته، فيسرع ويبطئ ويستدير ويقف فجأة بدون صعوبة، ويستطيع طفل الثالثة غسل يديه وتجفيفها والأكل بالمعلقة بنفسه ، كما يستجيب الطفل لتوجيهات والديه والخاصـة بقـضاء الحاجة حيث أنه مهيء ً فسيولوجيا في هذه الفترة لضبط عملية الإخراج والتحكم فيها.
في سن الخامسة يستطيع الطفل السيطرة ً نوعا ما على العضلات الدقيقة إلى حد ما حيث يتمكن من مـسك القلـم والمقـص. “من الناحية الفسيولوجية فإن الأطفال بوصولهم لسن الخامسة يكونوا قد تـوافر لـديهم الاستعداد لتعلم المهارات الحركية الدقيقة كمسك القلم والمقص، ولكن هذا لا يعني استعدادهم للكتابة ".
ولذلك نجد أن طفل الخامسة يستطيع أن يرسم ً خطوطا مستقيمة في كل الاتجاهات. ويحب أطفال الخامسة في العادة ممارسة الجري ولكن ليس لذات الجري ولكن لهدف وهو جعل الجري وسيلة لسبق أقرانه وفي بعض الأحيان من يكبرونهم.
ويتميز النمو الحركي للطفل في هذه المرحلة ً أيضا بالتوجه نحو النضوج أكثر من ذي قبل، والقدرة عـل تحريك الطرف الحسي المناسب لتحقيق عمل أو فعل معين،وهذا يدل على زيادة النضج لدى الطفل.
“فالوليد عندما يريد أن يلتقط لعبته ً مثلا فإنه يحرك جسمه كله، وإذا بدأ يسير فإن جسمه كله ينهك في ذلك بشكل عصبي ويصرف لذلك طاقات زائد ة، أما طفل هذه المرحلة فإنه يحرك الطرف الجـسمي الذي يكفيه ذلك العمل، فنجد الوليد إذا نودي دار بجسمه كله نحو مصدر الصوت، أما الطفل في هذه المرحلة فإنه يلتفت برأسه فقط ".
مما سبق فيمكن القول بأن طفل هذه المرحلة يقوم بالعديد من المهارات اليدوية البسيطة والتي تظهر في ارتداء الملابس وتمشيط الشعر والاستحمام واستخدام اليد في الدق بالمطرقة ونحو ذلك، كما يقول الطفل بمهارات الساقين وهي عبارة عن مجموعة من الحركات والتي يستخدم فيها رجل واحدة أو الرجلين معا ً.
النمو العقلي المعرفي: يعتبر طفل مرحلة الطفولة المبكرة في المرحلة ما قبل العم ليات ( أي ما قبل العمليـات المنطقيـة ) والتي يعرفها بياجيه ع لى أنها: “عدمقدرة الطفل على الدخول في عمليات ذهنية أساسية معينة،لعـدم تـوفر المنطق اللازم لذلك “(قطامي، 2000 م) وعلى ذلك فإن الطفل في هذه المرحلة يتسم في تفكيـره بالبـساطة والسذاجة، وذو بعد واحد ،فهو لا يستطيع تركيز انتباهه على أكثر من جانب واحد فقط من الشيء المعروض أمامه،ولهذه الخاصية أثر في كثير من العمليات المعرفية وسيأتي ذكرها فيما بعد. ويقسم بياجيه مرحلة ما قبل العمليات إلى قسمين:
أولا ً: مرحلة ما قبل المفاهيم: تمتد هذه المرحلة من 4 -2 سنوات، حيث يحدث توازن بين عمليتي التمثيل (إذا اتفقت الخبرة التي يواجها الطفل مع ما يوجد لديه من خبرات سميت تمثيلا ً) والمواءمة ( أن يغير الطفل ما لديه من خبرات وبنى معرفية لكي تتناسب مع الواقع بطريقة أحسن) فيصبح للشيء معنى ويكون التفكير في هذه المرحلة من النوع التحولي أي من الخاص إلى الخاص .
“التفكيرالتحولي من الخاص إلى الخاص نوع من التفكير باستخدام قياس التماثل من نوع ( أ) يشبه ( ب) في أحد الجوانب ،إذن ( أ) يجب أن يشبه ( ب) في النواحي الأخرى ،وبالطبع فقد يؤدي الاستدلال التحولي إلى نتائج صحيحة أحيانا ً،غير أنـه فـي معظـم الأحيان ليس كذلك ".
كما يتميز تفكير الطفل بالمفاهيم المتمركزة حول ذاته، ولـذلك فالطفـل لا يتـصور أن الآخرين يفكرون بخلاف وجهة نظره وتصوره للشيء. فالطفل يتمركز حول فكرته ونظرته للأشـياء، وهناك تجربة مشهورة اسمها الجبال الثلاثة أو المخاريط الثلاثة حيث يجلس الطفل على أحد الكراسي أمـام الطاولة،وأمامه ثلاثة أشكال مخروطية تمثل الجبال، وتجلس لعبه على كرسي أمام الجبال،ويطلب من الطفل أن يرسم ما تراه اللعبة من منظر للجبال.
وهنا يصف أو يرسم الطفل ما يراه هو على أنه هو نفسه ما تراه اللعبة ". وهناك مثال آخر، “عندما يغمض الطفل عينيه ثم يقول لوالديـه إنكما لا ترياني “من خلال المثالين السابقين نجد أن الطفل لا يستطيع ولا يتقبل أن يميز منظوره الشخـصي عن منظور الآخرين،ولذلك يظن أن الآخرين يدركون عالمه بنفس إدراكه هو لهذا العالم ،أي أن تفكيره هـو التفكير الأناني، ولكن مع تقـدم العمـر يقـل التمركـز حـول الذات ،وقـد أورد ( قطامي، 2000 م) الجدول التالي والذي يبين النسبة المئوية للإجابات المتركزة حول الذات والتبريرات لهـذه الإجابات مع توضيح العمر الزمني.
- لا يستطيع الأطفال القيام بعمليات ذهنية حقيقية رغم أنهم يتعاملون مع أشياء واقعية. - مازالت انطباعاتهم وإدراكاتهم الحسية تقيد تفكيرهم.
1- المعرفة الحسية: الطفل في هذه المرحلة مازال ً محكوما بخصائص الأحداث التي يصفه ا،لذلك فمـازال الاسـتقالال الذهني المعرفي ليس ً كليا كما هو لدى الراشد،ولا يتوقع من الطفل استيعاب خصائص الحدث والاستقلال عنه تماما ً،لأن ذلك يتطلب بنى ذهنية ً وصورا ومفردات أكثر تجريدا ً. ( قطامي، 2000 م ).
2- السير العكسي: المقصود بالسير المعكوس أو المقلوبية هي القدرة على العودة إلى بداية العملية الذهنية التي بدأ منها الفرد،دون حدوث أي تغيير ،فالطفل في هذه المرحلة يفشل في الوصول إلـى بدايـة العمليـة دون حـدوث تشويهات في تفكيره( عبد الهادي، 2002 م) ولذلك يسمي بياجيه هذا الفشل بالامقلوبية، ونعرف أن الطفل تمكن من هذه العملية الذهنبية ( المقلوبية) عندما يجري العملية الرياضية: فإنه يستطيع أن يجيب على عملية الضرب التالية: 24 = 3 × 8 .[ 24 = 2 × 2 × 2 × 3 = 4 × 2 × 3 = 4 × 6 = 3 × 8 ].
3- الاصطناعية | Artificalism: يفترض الطفل أن كل شيء يوجد حولنا هو من صنع الإنسان،وأنه موجود لخدمتنا أو خدمته،أو لكي نستفيد منه. ( المفدى، 1423 هـ ).
4- الإحيائية | Anlsim: يرى الطفل أن كل شيء حي فتجده يحاول إطعام دميته بل ويخاطب ألعابه على أنها حية وذلك لأنه حي ( تأثر التركيز حول الذات) فيسقط الحياة على كل شيء يمثل أمامه.
5- الإحتفاظ | Conservation: هي عملية ذهنية تتطلب تطور في مستوى العمليات التي يوظفها الطفل، كما يتطلب أن يكون فـي مرحلة تطورية تسمح له بالتعامل مع هذه العمليات ( قطامي، 2000 م ). عملية ذهنية تتطلب ً تطورا في مستوى العمليات التي يوظفها الطفل، وهي عبارة عن تطور للمرحلة السابقة ( الرضيع) والتي تميزت بضعف الاحتفاظ بالصور في الذهن ثم تدرجت حتى أصبح الطفل يبحث عن المفقود في الأماكن المتوقعة لحفظ الشيء بعد أن كان يبحث فقط في المكان الذي رأى الكبير يحفـظ فيـه الـشيء فقط.
والاحتفاظ بشمل الاحتفاظ بالعدد والكم والطول والمادة والوزن والحجم ،ولكن الطفل يفشل فـي بدايـة الطفولة المبكرة وحتى سن 4 سنوات في القدرة على الاحتفاظ بثبات الأشياء ولكن بعد نهاية الرابعة يـستطيع نتيجة القدرة على الاحتفاظ بالعدد والكتلة والكم والطول. ً
وأخيرا فإن فشل الطفل في السير العكسي والاحتفاظ يعود إلى عدم قدرة طفل ما قبل المدرسة النظر للعلاقات إلا من جانب واحد،ولذلك فهو يصف ويحكم ويقارن وفق بعد واحد فقط،ولذلك فهناك تداخل بين هذه (72 – م 2002 العمليات الثلاثة حيث تتم في وقت واحد أو هي سبب لبعضها. ويشير إلى ذلك ( عبد الهـادي، في هذه المرحلة يركز الطفل على بعد واحد في معالجته للأشياء أو المواقف ً وغالبا ما يفشل في معالجة أكثر من بعد ".
أجرى بياجيه تجربة تبين عدم قدرة طفل هذه المرحلة على الاحتفاظ بالكمية ،حيث أحضر دورقـين مملوئين بكميات متساوية من الماء ،ثم سائل الطفل هل تلاحظ أن كمية الماء متساوية في ال دورقين ؟،فأجاب بنعم،ثم سكب الماء الموجود في الدورق ( أ) في ثلاثة أكواب،وسائل الطفل هل لاحظت أني سـكبت ال مـاء الموجود في الدورق ( أ) في ثلاثة أكواب ؟ فيجيب بنعم، ثم يسأله هل الماء الموجود في الأكـواب الثلاثـة مساوي للماء الموجود في الدورق ( ب) أم لا؟ الطفل: إن المياه التي في الأكواب أكثر ( طفل عمره 4 -3 سنوات) ، ولكن طفل يبلـغ مـن العمـر ) -5 7 سنوات) يصل للإجابة الصحيحة ( قطامي، 2000 م ).
كما أجرى تجربة على كرتين متساويتين من الصلصال وطلب من الطفل أن يوازن بينهما ويتأكـد أنهما متساويين، ثم غير أحد الكرتين إلى اسطوانة وسأله أيهما أكبر الاسطوانة أم الكرة ؟ كانت إجابة الطفل ) 5 -4 سنوات) أن الاسطوانة أكبر من الكر ة، وهذا يدل على أن الطفل ينظر للشيء من بعد واحد فقـط إمـا الطول أو الوزن.
وفي الحقيقة يمكن القول عن هذه المرحلة ( الطفولة المبكر ة) أنها مرحلة الأسئلة الكثير ة، وهذا أمر طبيعي وصحي ً أيضا فمن خلال هذه الأسئلة ينمو الطفل ً معرفيا وعقليا ً، وكلما كثرة أسئلة الطفل دل على ذكاء الطفل أو قلقه النفسي، يقول ( المفدى، 1423 هـ ):" وقد تكون أسئلة الطفل أكثر من الأطفـال الآخـرين ،وهو ما قد يكون ً مؤشرا على ذكاء الطفل أو قلقه النفسي،وهذا يتبين من نوع الأسئلة التي يطرحها الطفل،فإذا كان يغلب عليها الأسئلة التي تعبر عن خوف ،فهذا مؤشر على قلق الطفل ".
وأستطيع أن أقول أن الطفل الذي يسأل هو الطفل الموجود. ويظهر النمو العقلي ً أيضا في لعب الطفل في هذه المرحلة حيث يكثر من اللعب الإيهامي فيتخيـل العصى حصان وا لقدر خوذة مقاتل ،وكذلك قدرته على نسج قصص خيالية عن أحداث قد تناسب مرحلته وقد تفوقها حسب ذكاء الطفل. يقول ( حقي، 1996 م ):" يختلق الطفل في هذه المرحلة الكثير من القصص التي يخلط فيها بين الواقع والخيال عند أحداث وأقوال لم تقع ،ويعاقب ً أحيانا على أنه يكذب ،ولكنه في الحقيقة يمـارس عملية عقلية يمر بها كل الأطفال في سنه وكل ما في الأمر أن بعض الأ طفال يكون أوسع وأخصب ً خيـالا عن الآخرين،أو أكثر ً وضوحا لما يدور بمخيلته “وهذافي الحقيقة ما يلاحظه الفرد في أطفال هذه المرحلـة حيث الخيال الخصب واستعارة الأسماء والأصوات والقدرة على تكوين مواقف وأحداث خيالية.
وهناك ترابط بين القدرة اللغوية وا لنمو العقلي المعرفي،فأحدهما مهيئ للأخر ودليل عليه ومن شدة ترابطهما يقول عنهما ( علاونة، 2002 م، (209 “ولشدةالارتباط بين هذين الجانبين من التطور ( النمو) يعتقد بعض العلماء أنه ـما في الحقيقة موضوع أكاديمي واحد ". كذلك يتأثر النمو العقلي المعرفي بالنضج ونمـو الدماغ،والجهاز العصبي والذي يعمل من خلال الحواس والوصلات العـصبية علـى إيـصال المعـارف والمعلومات إلى الدماغ لزيادة البنى المعرفية.
6- الذاكرة | Memory: هناك الذاكرة قصيرة المدى و الذاكرة طويلة المدى. والفرق بينهما يكمن في أن الـذاكرة القـصيرة المدى تحفظ بالمعلومات لثوان معدود ة. يقـول " ):Santrock,1989 ان الـذاكرة قـصيرة المـدى تحـتفظ بالمعلومات لمدة تتراوح ما بين ) (30 -15 ثانية فقط وخلال هذه الفترة تتدخل الذاكرة طويلة المدى لتـسجيل تلك المعلومات، فإذا لم يحدث تسجيل بواسطة الذاكرة طويلة المدى فإن المعلومة تختفي ولن يستطيع الفـ رد تذكرها.
ويصف ( المفدى، 1423 هـ، (271 التغيرات الحاصلة في الدماغ بالنسبة للذاكرة القصيرة والتي تسبب نيسان المعلومات بقوله : “مايحدث في الدماغ بالنسبة للذاكرة القصيرة المدى فهو تغير كهروعصبي ،أي تيار كهربائي يسير في الخلايا العصبية ثم ينتهي،ولذلك فإن المعلومة تنسى بعد فترة من الزمن اليسير. أما التغيير الذي يحدث في الدماغ في نوع الذاكرة طويلة المدى فهو تغيير كيميائي في تركيبة الخلاي ا، ولذلك فهو تغير أثبت من التغير الكهربائي “وعليهفالذاكرة طويلة المدى هي الذاكرة الغير محدودة بفترة زمنية للحفـظ ولا بمقدار المحفوظ وكميته.
تتميز الذاكرة عند طفل مرحلة الطفولة المبكرة بالآلية ،بحيث يحفظ الشيء دون أن يتأثر بمعناه ويحـدث تداخل بين ما سمعه الطفل وبين ما عاشه. ويذكر ( المفدى، 1423 هـ، (278 قصة بياجيه التي روى فيهـا إن لص حاول سرقته فأنقذته المربية من يد اللص وكيف أنه يتذكر ملامح اللص ونحو ذلك، وبعد فترة من الزمن يتضح أن المربية زورت هذه القصة حتى تلتفت إليها الأسرة.
ولم يكن وصف بياجيه للقصة وتخيل وجه اللص إلا ً تأثرا بما سمعه من المربية وهي تروي القصة للأسر ة،وهذا ملاحظ في الأطفال ما بين ) (5 -3 سـنوات حيث نجد الواحد منهم يتأثر بما سمعه ثم يرويه وكأنه مشارك فيه. والحديث عن الذاكرة مهم ضمن النمو العقلي المعرفي فلا يتم نمو معرفي ما لم تكن الذاكرة تعمل بشكل جيد لحفظ المعلومات واستخدامها في مواقف حياتية جيدة دلالة على زيادة النمو المعرفي والعقلي.
اهتمت مدرسة التحليل النفسي بصفة عامة بمرحلة الطفولة المبكرة والخبرات المؤلمة المكتسبة فيها، حيث يتم كبت الخبرات المؤلمة بواسطة ميكنزم الكبت وترحل هذه الخبرات إلى اللاشـعور واهـتم فرويـد بالفترة من ) 5 -3 سنوات) وعرفها بالمرحلة الأودبية ( القضيبية) فمصدر اللذ ة عند الطفل في هـذه المرحلـة يكمن في أعضائه التناسلية والجسم بشكل عام، كما تظهر في هذه المرحلة عقدة أوديب والكترا إذا لـم يـتم التوحد السوي مع جنس الوالد ،حيث يبدأ الطفل في نهاية المرحلة التوحد مع الوالد من نفس الجنس لحل هذه العقدة،مما يشير إلى نمو الأنا العليا.
عند ذلك يقول ( الغامدي، 2002 م) “يـتمتركيـب