الداروينية ونظرية التطور

الداروينية ونظرية التطور، من هو داروين، اسس النظرية الداروينية، طفرة مادية، كيف يحصل الانتخاب الجيني للتطور، نظرية الخلق مقابل الداروينية، نظرية التطور وصعوبة

  • 806 مشاهدة
  • Jan 11,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب طارق منير ناصر الدين
  • ( تعليق)
الداروينية ونظرية التطور

الداروينيّة، ونظريّة التطوُّر

من هو داروين؟

 

تشارلز روبرت داروين (1809-1882)، كان عالماً طبيعيَّاً ورحَّالةٌ إنجليزي، وهو من أوائلِ من أدركوا وأثبتوا أنَّ جميع الكائنات الحيَّة قد تطوَّرت بمرور الوقت من أسلافٍ مُشتركة.

تمَّ نشر أوَّل بحث تفصيلي له في عام 1859 في أصل الأنواع، وقد اعتبر داروين أنَّ (الانتقاء الطبيعي) و(التغيُّر غير المُحدَّد)،  والصِّراع من أجل البقاء، هو القوَّة الدَّافعة الرئيسيَّة وراء التطوُّر، بينما أصبحت نظريَّته في الانتقاء الطبيعي، باعتبارها التفسير الرئيسي للتطوُّر، مقبولةً بشكلٍ عام في الثلاثينيَّات من القرن العشرين.

تُشكِّل أفكار داروين واكتشافاته أساساً لنظريَّة التطوُّر التركيبيَّة الحديثة، وتُشكِّل أساس علم الأحياء، مِمَّا يوفِّر تفسيراً منطقيَّاً للتنوُّع البيولوجي.

 

أسُس النظريَّة الدارونيَّة

 

تقوم نظريَّة التطوُّر الدارونيَّة على ركيزة أساسيَّة؛ وهي أنَّ المادَّة العاقلة المُشكِّلة للعُنصُر النَّبيل للحياة، قد تحوَّلت من شكلٍ لآخر، وذلك من الحياة البسيطة النِّصف تطوريَّة وهي من البحار، واعتُبِرت وحيدة خليَّة، انقسمت لتُشكِّل ثُنائيَّات خليَّة تشكَّلت الحياةُ منها، لتبدأ الحياة البحريَّة، وتتطوَّر الأنواع والحيوات من نباتٍ عاقل إلى نباتٍ حيواني، كـ(الإسفنجيات)، ولتبدأ سِلسلة التطوُّر، من حيوانات نباتيَّة إلى حيوانات أشنية ثُنائيَّة الخليَّة، ولتتنوَّع التكيُّفات مع المُحيط الحاضن لهذا التطوُّر، لتُخلق بعدها الحياة البحريّة، ومنها الحياة النِصف بحريَّة ونِصف بريَّة وهي البرمائيَّات، وبدأت الحياة تزحف من الماء إلى اليابسة، ومن البرمائيَّات إلى التطوُّر البري الحيواني، وكان للعمل والتأقلم - بحسب داروين - الأثر الكبير في تطوُّر الحيوانات إلى أنواع ناطقة وهي البشر كحيوانٍ ناطق، تطوُّر عبر ملايين السِّنين، حتَّى وصل على ماهيته الحقيقيَّة، وشكَّل حمضه النووي.

 

الداروينيَّة، ونظريَّة التطوُّر

 

لنسرد أحبتنا سويّاً ونتذكَّر جوهر النظريَّة المنصوص عليها في (أصل الأنواع)، حيثُ افترض داروين أنَّ العوامل الرئيسيَّة للتطوُّر هي التباين الوراثي والانتقاء الطبيعي. الكائنات الحيَّة ليست هي نفسها، حيثُ أنّ التباين هو مادَّة البداية للتطوُّر، ولكن في ظُروفٍ بيئيَّةٍ مُختلفة، فإنَّ بعض العلامات الفارقة في تكوُّن الكائِن الحي على سبيل المثال، النموِّ المرتفع أو الصَّلابة الباردة؛ تكون مفيدةً في تنوُّع الكائنات، والتغيُّر الإيكولوجي، حيث أنَّ الطبيعة تؤثِّر في الاصطفاء الطبيعي للتطوُّر الحيوي.

تكتسب الكائنات الحيَّة التي تحمل هذه السِمات ميِّزة في التكاثر، ويتم نقل السِّمات إلى الجيل التالي، والذي يتضح أنَّه أكثر تكيُّفاً وقدرة على البقاء والتطوُّر.

هذه هي الطريقة التي يعمل بها الانتقاء الطبيعي، القوَّة الدَّافعة للتطوُّر، وهكذا تنشأ أنواع جديدة لا تتزاوج مع بعضها البعض.

 أوضحت نظريَّة داروين آلية التطوُّر، على عكس مفهوم تطوُّري آخر لـ(جان ببابتست لامارك)، وتمرين العضو تحت التأثير المباشر للبيئة.

حاول العالم (غريغور مندل) عام 1865؛ البحث في نظريَّة التطوُّر، لكنَّهُ لم يستطع شرح بعض الأشياء، لا سيما: لماذا لا تذوب سمةٌ مفيدة في مجموعةٍ سُكانيَّة على مدى عِدَّة أجيال؟ فهذا التناقض الذي لا يُمكن تفسيره بالنِّسبة له، يُسمَّى (كابوس جنكين)، ظلَّ يُطارد العالم حتى نهاية أيَّامه.

لم يكن داروين يعرف أنَّ الوراثة مُنفصلة، ولم يكن يعرف شيئاً عن الجينات، رغم أنَّه افترض أنَّه لا بُدَّ من وجود بعض الجسيمات التي تنتقل الوراثة من خلالها، لكنَّه اعتقد أنَّ هذه الجسيِّمات موجودة في الدم.

 

طفرة ماديَّة

 

في أواخر القرن التَّاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، تعلَّم عُلماء الأحياء الكثير عن طبيعة الحياة، حيثُ لا ننسى المجهود الذي قدَّمه عالم النبات الهولندي (هوغو دي فريس)، من خلال مفهوم "الطَّفرة"؛ للإشارة إلى وحدة التباين وطور نظريَّة الطفرات.

في عام 1909م، ظهر مفهوم (الجين)، وعلموا عنه حينها بعض الخصائص الوراثيَّة، مع تطوُّر علم الوراثة تَمَّ تشكيل نظريَّة التطوُّر التركيبيَّة بناءً على نظريَّة داروين، بمشاركة علم الوراثة، وبعدها قام العالمان (واتسون و كريك)، في عام 1953 باكتشاف بنية جزيء الحمض النووي، وأصبح الأمر أكثر وضوحاً للعلماء عن التطوُّر الجيني وتنوّعه، والأهم من ذلك ظهر الأساس المادِّي للوراثة، والذي أعطى نظريَّة داروين في التطوُّر صفة البُرهان العلمي، ونقلها من ضفَّة الافتراضات البحثيَّة ذات الطَّابع العلمي، إلى نظريَّةٍ ذات بُرهانٍ علمي قاطع لا يقبل الشك.

من المثير للاهتمام أنَّ كُلَّ المعارف الجديدة التي ظهرت مع مرور الوقت، لم تدحض نظريَّة داروين فحسب، بل تتلاءم معها، وأكملت وشرحت ما لم يستطع داروين تفسيره، ويبقى فقط أن نتساءل إلى أي مدى كان ذلك العالم العظيم قادراً على التنبؤ.

 

كيف يحصل الانتخاب الجيني للتطوُّر

 

 إذا كانت المعلومات من التركيب الوراثي (إس تي إيه)، تنعكس بشكلٍ مُباشر في النمط الظَّاهري، وتعمل بشكلِ مُرضٍ تماماً.

 تصف معادلة (هاردي واينبرغ)، كيف أنَّ نسبة "الأليلات"؛ أي (إصدارات بديلة من نفس الجين) في النسل تعتمد على تلك الخاصَّة بالأسلاف.

 ويعتمد الجهاز الرياضي الجيني (إس تي إيه)، على حقيقة أنَّ كلَّ أليل يُساهم بشكلٍ مُستمر في الملاءمة النهائيَّة لمالكه، وإذا زاد الأليل من مُلاءمة الكائن الحي، فإنَّ الانتقاء سيزيد من تواتره، وبمرور الوقت سيحل الأليل المُفضَّل محل بدائله.

هُناك أوقاتٌ يعمل فيها هذا النموذج، ضع في اعتبارك عزيزي القارئ سُلالتين من البكتيريا، حيثُ ينمو الأوَّل بشكلٍ أسرع، لكنَّه لا يقاوم المُضادات الحيويَّة، والآخر مستقر ويدفع ثمنه بنموٍ أبطأ، وتعكس صفاتهم بشكل لا لَبس فيه تركيبهم الجيني، ديناميتهم في الوسائط مع تركيزات مُختلفة من المضادَّات الحيويَّة موصوفةٌ جيِّدًا، بواسطة معادلات الاختيار لـ(إس تي إيه).

 

نظريَّة الخلق مُقابل الدارونيَّة

 

 كان مفهوم خلق العالم دائماً مُعارضاً لنظريَّة التطوُّر، علاوةً على ذلك، ومن وجهة نظر دينيَّة بحتة، تبرز ما يُسمَّى بالخلق العلمي، والتي تُحاول دحض داروين من وجهة نظرٍ علميَّةٍ مزعومة، والتي تُحاول أن تخلق جدلاً حول نظريَّة التطوُّر، وبطلان براهينها.

إذن ما هي هذه الادعاءات ضدَّ داروين؟

يُقال إنَّ "نظريَّة التطور ليست سوى نظرية"، أي افتراضٌ ورأي وليست حقيقة مثبتة، لكن في البداية أولئك الذين يقولون ذلك لا يفهمون أنَّ (النظريَّة) في اللغة العلميَّة تعني تفسيراً شاملاً لبعض الظَّواهر، والتي تمَّ إثباتها، ولم يتمَّ دحضها. تشرح النظريَّة التطوريَّة تنوُّع الأنواع وأصلها، ولم يدحضها أحدٌ على المُستوى العلمي، والأهم من ذلك يوجد اليوم في العلم الكثير من الأدلَّة على صِحَّة الدارونيَّة التطوريَّة، وأنَّ الاصطفاء الطبيعي، والصِّراع من أجل البقاء؛ حقائق وليست افتراضات.

وكانت إحدى حجج مناهضي الداروينيَّة لفترةٍ طويلة هي مسألة (الأشكال الانتقاليَّة)، إذا تمَّ تحويل بعض الكائنات الحيَّة إلى أخرى من خلال التغييرات التدريجيَّة، فيجب العثور على هذه الكائنات الوسيطة بكثرة في السِّجل الأحفوري، ولا يبدو أنَّهم كذلك على الرَّغم من أنَّ هذا البيان خاطئ تماماً، إلا أنَّ عدد اكتشافات الحفريَّات الآن لا يُضاهى مع ما كان في عهد داروين، ومن بينها الكثير من الأشكال الانتقاليَّة، فعلى سبيل المثال كشفت الحفريَّات بقايا سمكة قديمة، والتي كانت رابطاً وسيطاً بين سمكة طبيعيَّة ذات عيونٍ على جانبي الرَّأس، والسَّمك المُفلطح، حيث تكون كلتا العينين على جانب واحد، لذلك في هذه السمكة القديمة ذهبت العين بالفعل إلى الجانب الآخر، لكنها لم تصل إليها وهي على الجبهة.

وفي عملٍ آخر، تمكَّن عُلماء الحفريَّات من إيجاد شكل انتقالي بين الأسماك ورُباعيَّات الأرجل الأرضيَّة، يُمكن  أن يمشي على طول القاع باستخدام الزَّعانف بنفس الطريقة التي تستخدم بها الفقاريَّات البريَّة الأطراف، يُسمَّى هذا الحيوان (تيك تاليك)، وهو جنسٌ أحادِّي النَّوع من أسماك (ساركوبتيجيان) المُنقرضة (فصوص الزَّعانف)، من العصر الديفوني المتأخِّر، "حوالي 375 ميا" (منذ مليون سنة)، وله العديد من الميِّزات المُشابهة لتلك الموجودة في رُباعيَّات الأرجل، (الحيوانات ذات الأرجل الأربع).

 تمَّ إخبار العُلماء عن هذا من خلال تشريح الحوض وحزام الكتف، وفقاً لهيكل الجُمجمة قرَّر عُلماء آخرون أنَّ (تيك تاليك) قد يرفع رأسه، ويجري في المياه الضَّحلة، ودراسة البيئة المُحيطة.

مثالٌ آخر: وهو العثور على الحلقة المفقودة في تطوُّر الحيتان والدَّلافين، كانت الأسلاف الأرضيَّة لهذه الفقاريَّات، التي استعادت المُحيط للمرَّة الثانية، ذوات الحوافر، فقد اكتشف عُلماء الأحافير البقايا المتحجِّرة لسلف الحيتان المُسمَّى (إندهيوس)، ومن ناحيةٍ أخرى أظهر تقارُباً كبيراً مع أفراس النَّهر.

ومن المثير للاهتمام أنَّ عُلماء الأحياء الجزيئيَّة في تحليل الحمض النووي؛ كانوا أوَّل من تحدَّث عن العلاقة بين الحيتان وأفراس النَّهر.

 

هل الإنسان أصله قرد حسب الدارونيَّة؟

 

قبل أن نُجيب على هذا السؤال الساذج، الذي يتبجَّح به مُناهضي الدارونيَّة، حول هل الإنسان قد تطوَّر من قرد؟ ولماذا لا يُنجب الإنسان قرد إذا كان من أسلاف القرود؟ علينا أولاً تعريف كلمة تطوُّر، فالتطوُّر هوَ: تغييرات لا رجعة فيها في النُّظم الحيويَّة طوال الوقت التاريخي للمحيط الحيوي، حيث أنَّهُ يؤدِّي إلى تغيير في النُّظم الحيويَّة القائمة، بما في ذلك مضاعفاتها، وزيادةً في تكيُّفها مع البيئة، وزيادةً استقرارها، وظهور خصائص جديدة فيها، وظهور أنواع جديدة من النُّظم الحيويَّة، فالتطوُّر هو عمليَّة مُتعدِّدة المستويات، تتطوَّر بشكلٍ سلس واستمراري.

وانطلاقاً من مفهوم التطوُّر؛ يُمكن لأيَّ شخص يشك في أنَّ عُلماء الأنثروبولوجيا قد وجدوا الكثير من الرَّوابط الوسيطة في تحوُّل قرد (أسترالوبيثكس)، إلى رجلٍ يُمكنه دراسة شجرة العائلة التي يصعب سردها في مقالتنا هذه، ولكن يُمكن لأيِّ شخص الاطلاع على المنشور على موقع التطوُّر العالمي، والذي نُشرت فيه الشجرة عبر كبار عُلماء التطوُّر والأحياء والأحافير.

 "Anthropogenesis.ru".

يقول النُقاد لنظريَّة التطوُّر: إنَّ ظهور الأنواع هو نظريَّة لا نستوعبها ولا تحصل، فالكلب لا يتحوَّل إلى قطَّة، والشمبانزي لا يتحوَّل إلى إنسان، وبشكلٍ عام لم يُلاحظ أحد ظهور أنواع جديدة، لكنَّ عُلماء الأحياء اليوم لديهم بالفعل الكثير من الأمثلة على مُراقبة الأنواع في الطبيعة، فعلى سبيل المثال، تعيش أسماك البلطي في البحيرات الإفريقيَّة، حيث تتشكَّل أنواع جديدة بسرعةٍ كبيرة حرفيَّاً أمام العُلماء، فتحدث العزلة الإنجابية، والبلطي التي تعيش في أعماق مختلفة لها حساسيَّة مختلفة اللون، والتي عند التزاوج، تمنعها من مُلاحظة الأسماك ذات اللون الخطأ؛ نتيجةً لذلك يتم تشكيل أنواع مُنفصلة.

وفي عث أمريكا الشماليَّة ينشأ التخصُّص في طرق الحماية من الحيوانات المفترسة. تتبَّع العُلماء استراتيجيَّة الدِّفاع في أنواع مختلفة من العث، وخلصوا إلى أنَّ هذا السلوك كان بمثابة أساس لتشكيل أنواع مُختلفة.

عيبٌ آخر ضدَّ الداروينيَّة، وهو أنَّ داروين اعتبر أنَّ العمليَّة التطوريَّة سلسة للغاية ، لكنَّ عدد الأحافير المتبقية في عصور مُختلفة؛ أوجد فكرة أنَّ التطوُّر تحرَّك على قدمٍ وساق، وقد تحدَّث عالم الحفريَّات (كيريل إسكوف) عن هذا، حيث يتم تفسير هذه المُفارقة من خلال مفهوم (التوازن المُتقطِّع)، فهي تتحدَّث عن تناوب فتراتٍ طويلة من الرُّكود، عندما لا تحدث أيَّة تغييرات عمليَّاً، وفترات قصيرة عندما تتغيَّر الكائنات الحيَّة بنشاط، لذلك وعلى سبيل المثال، اقترح العُلماء الآن حلاً لـ(مُعضلة داروين)، التطوُّر السَّريع بشكلٍ لا يُصدَّق للكائنات الحيَّة في العصر الكمبري، كان الدَّافع لتسريع التنمية هو التغيير الحاد في الظروف البيئيَّة.

 

نظريَّة التطوُّر، وصعوبة الاعتراف بها

 

لم يقتصر الأمر على حصولها - مثل أي نظريَّةٍ أخرى - على الاعتراف تدريجيَّاً، بعد أن أصبحت معترفاً بها بشكلٍ عام في العالم العلمي، ودخلت جميع كُتب علم الأحياء، ودوائر كثيرة تسعى جاهدةً لإعلان أنَّها كاذبةٌ ومبتكرة، وعفا عليها الزمان، وما إلى ذلك، ربما لن يُحاول أحدٌ اليوم دحض نظام مركزيَّة الشمس للعالم الكوبرنيكي، أو نظريَّة نيوتن للجاذبيَّة الكونيَّة، أو كرويَّة الأرض لغاليليو غاليلي، لكن داروين لم يكن محظوظاً، حيث لا يستطيع (الخلقيُّون)، -وهناك فرقٌ بين "الربوبيَّة والخلقي"، طبعاً بنظرته لوحدة العلَّة، والمعلول، والسَّبب، ونتيجته الحتميَّة- أن يغفروا له، ولا حتَّى فكرة التطوُّر ذاتها، وغرقهم بمتاهات التأرجح في الأصل المُقدَّس الإلهي للإنسان بأنَّه خُلِق بأحسن تقويم، وفوراً.

 

مُناهضي الدارونيَّة حول العالم

 

 إنَّ أوَّل مُحاكمة بالتاريخ ضدَّ داروين، ونظريَّة التطوُّر، كانت باسم (مُحاكمة القرود)، في عام 1925، في الولايات المُتحدة الأمريكيَّة، حيث وقَّع حاكم ولاية (تينيسي) قانونًا جديداً يحظر فيه تعليم أي نظريَّة تُنكِر تاريخ الخلق الإلهي للإنسان، كما هو موصوفٌ في الكتاب المُقدَّس وتعاليمه، وبدلاً من ذلك أنَّ الإنسان ينحدر من فئة أدنى من الحيوانات، ويسري الحظر على جميع المدارس والجامعات في الولاية المموَّلة كليَّاً أو جزئيَّاً من عائدات الضَّرائب، والذي منع المعلمين بحكم الواقع من إخبار تلاميذ المدارس والطلاب بنظريَّة داروين، والعقوبة بقرارٍ من المحكمة، يُمكن أن تغرِّمهم من 100 دولار، إلى 500 دولار.

في أبريل 2004م، اندلعت أزمة وطنيَّة حقيقيَّة في إيطاليا، بعد أن أعلنت وزيرة التعليم (ليتنزيا مورياتي)، أنَّها تعتقد أنَّه من الضروري إلغاء دِراسة نظريَّة داروين في المدرسة الثانوية.

وفي سبتمبر 2004م، أمرت وزيرة التعليم الصربيَّة (ليليانا كوليتش)، باستبعاد نظريَّة تشارلز داروين عن أصل الأنواع من الصف الثامن في المدارس الثانويَّة الصربيَّة، واحتجَّ العديد من الأحزاب البارزة أيضاً، قائلين أنَّ استبدال نظريَّة داروين القائمة على أسُسٍ علميَّة بعقيدة الكنيسة، سيُعيد البلاد قروناً إلى الوراء، واستقال الوزير، ولم يتم حذف الداروينيَّة من الكتب المدرسيَّة.

واحداً فقط من بين ستَّة أشخاص في الولايات المتحدة يعترف بأنَّ نظريَّة داروين صحيحة، بالمقارنة مع اليابان، وأيسلندا والدنمارك والسويد وفرنسا، يبلغ عدد الذين يقبلون مفهوم التطوُّر حوالي 80٪، وحوالي 30٪ من الأمريكيين يرفضون بشكلٍ قاطع هذه النظريَّة.

مقالات متعلقة في دراسات وابحاث