الحرب الباردة وتحطيم التحالف بين السوفيات ودول الغرب

الحرب الباردة، تحطيم التحالف بين الاتحاد السوفييتي ودول الغرب، بداية الحرب الباردة، تقسيم ألمانيا، نظريات الحرب الباردة، مجلس وزراء الخارجيّة، دول التحالف

  • 784 مشاهدة
  • Jul 24,2021 تاريخ النشر
  • الكاتب Ghada Halaiqa
  • ( تعليق)
الحرب الباردة وتحطيم التحالف بين السوفيات ودول الغرب

الحرب الباردة وتحطيم التحالف بين السوفيات ودول الغرب

 

بداية الحرب الباردة

بدأت الحرب الباردة في السّابع من شهر كانون الثاني عام 1941، بعد عبور أجسامٍ خضراء مجال محطّة الرادار الواقعة على بُعد خمسةٍ وعشرين ميلاً من ميناء (بيرل هاربر) في جُزُر هاواي، وحين ظُهور هذه الأجسام على شاشة الرادار؛ كانت القوّات الجويّة اليابانيّة تتحرّك باتجاه الأسطول الأميركي الرّاسي في هذا الميناء، وبعد مضي ساعتين، كانت كافّة السفن الرّاسية في الميناء مستقرّةً في قعر الميناء، ونتيجةً لهذا الأمر استخدمت أميركا القنابل النوويّة كردٍ منها على اليابان، تلتها نشوب الحرب الباردة.

 

بدأت الحرب الباردة عقب اجتماع رئيس الوزراء السوفييتي في ذلك الوقت (جوزيف ستالين)، ورئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرشل)، إضافة للرئيس الأميركي (فرانكلين روزفلت في مدينة يالطا في منطقة القرم، في شهر شباط من عام 1945م، وذلك للتباحث في أليّة السلام بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، ولكن وقع العكس في هذا الاجتماع، الذي لمعت فيه شرارة حربٍ من نوعٍ آخر، أطلق عليها اسم (الحرب الباردة).

كانت بداية الحرب الباردة بشكلٍ دقيق خلال الحرب العالميّة الثانية، نتيجة القوى التاريخيّة لكلٍ من الاتحاد السوفييتي وأميركا، وقد اقتحمت الولايات المتحدة هذه الحرب دون التخطيط لها، وبعد اجتماع يالطا بنحو خمسة أشهر، تمّ تفجير القُنبلة الذريّة فوق الرِّمال البيضاء لولاية نيومكسيكو الأمريكيّة، وفي السادس من آب عام 1945م، قامت طائرة أمريكيّة بإلقاء قنبلة على مدينة هيروشيما اليابانيّة، نتج عنها حصد مئات الألوف من الأرواح التي كانت تسكن المدينة.

 

ومع انتحار هتلر في الثلاثين من نيسان عام 1945م، انتهت الحرب العالميّة الثانية، وبعد ثلاثة أشهر من هذا التاريخ، وضعت القنبلة الذريّة حدّاً للحرب في آسيا، وبهذا أغلقت صفحة الحرب العالميّة الثانية التي خلفت ملايين الضحايا في مناطق عديدة من العالم بين قتيلٍ وجريح، عدا عن الدّمار والخراب في كل مكان.

 

النظريّات التاريخيّة للحرب الباردة

  1.  المُحافظين، وهم مجموعة تُلقي اللوم على روسيا كونها الدّولة المُتسبِّبة في اشتعال الحرب الباردة، وذلك من خلال استيلائها على شرقِ أوروبا، ومحاولتها السَّيطرة على برلين الغربيّة عام 1948م.
  2.  الناقضين، وهم المجموعة التي تقوم بنقض نظريّة المُحافظين، ويعتبرون أنّ بداية الحرب الباردة انطلقت من بريطانيا وأميركا، وذلك من خلال إعطاء روسيا مناطق نفوذ شرقي أوروبا في مؤتمر يالطا، وفتح الجبهة الغربيّة ضد ألمانيا، حيث فسّر الروس هذا التصرّف على أنّها مُحاولة لإنهاك روسيا وألمانيا في وقتٍ واحد، لتتمكنا بعدها من الدخول على ألمانيا والسَّيطرة عليها.
  3. نظريّة الليبراليين المتحرِّرين، حيث ترى هذه الفئة بأنَّ الحرب الباردة كانت نتيجة حتميّة، وذلك لاختلاف الأيدولوجيا بين الدولتين العُظميين، ففي حين أنّ أميركا تؤمن بسياسة الباب المفتوح والرأسماليّة، كان الاتحاد السوفييتي يؤمن بالاشتراكيّة، ونتيجةً لهذا الاختلاف لا بدَّ أن يتصارع المُعسكران على مناطق النفوذ الخاصّة لكلٍّ منهما.

 

مُعاهدات السَّلام 1945-1947

لم يتمكّن الحُلفاء من وضع أنظمة خاصَّة للدول التي خضعت لسيطرة القوّات النازيّة بقيادة هتلر منذ زمنٍ طويل، بعد الإطاحة بحكوماتها، ولم تعترف قوّات الحلفاء بأيِّ حكومة ألمانيّة في برلين، إضافةً لفينا وبوخارست وبودابست وصوفيا، فكل الحكومات التي كانت ترأس تلك الدول أسقطت بسبب معاونتها للقوّات النازيّة، ولم يتبقَّ إلا القوّات السوفييتيّة التي أعادت الانتشار في تِلك العواصم.

 

بعد انتهاء الحرب العالميّةِ الثانية، شعرت الدول المنهزمة في تلك الحرب بحاجتها الكبيرة إلى زُعماء وحكومات تملأ الفراغ المُرعب الذي تجلّى بعد انتهاء الحرب، لكن أمر سدّ هذا الفراغ كان بيد الحُلفاء، الذين كانوا يسعون إلى تشكيل حكومات عسكريّة لإدارة شؤون البلاد المقسّمة إلى مناطق نفوذ روسيّة فرنسيّة أميركيّة وبريطانيّة، ومن هذا المُنطلق كان من المُحال التوصّل إلى اتِّباع نظام حُكمٍ خاص لتلك البلاد في ظِلِّ الظروف الحرجة التي كانت تمر بِها، وبطبيعة الحال يقوم الحكّام العسكريّون لتلك البلاد بالاحتفاظ بعددٍ من الموظَّفين المحليين، إضافةً لرجال الشُّرطة وموظَّفي المَرافِق العامَّة، والذين كانوا يَعملون تحت ظلِّ الأنظمة الزَّائلة، بغض النظر عن توجّهاتهم وصفتهم المذهبيّة، فقد كان هدف هؤلاء الحُكّام الحفاظ على النِّظام، إضافةً لوضع الأسس الكفيلة لإعادة الحياة لتلك المُدن والقُرى المُدمّرة، وللحيلولة دون وقوع أعمال السَّلب والنّهب، وتوفير الطّعام والوقود، والعمل على إصلاح البُنية التحتيّة لتلك المُدن، وإيواء الآلاف من المُشرّدين الذين تدمّرت مساكنهم خلال الحرب، وتمكّن الحكّام من النجاح في مهامهم على إلى حدٍ كبير.

 

المشكلة الأساسيّة التي واجهت المنتصرون، هي عدم تمكنهم من إيجاد حلٍ مُرضي لضمان نجاح الحكومات المحليّة التي أقاموها في تلك البلاد، حيث تمَّ تشكيل حكومات مؤقتة عام 1945م، لكنّ الشعوب كانت تنظر إلى تلك الحكومات على أنّها أدوات في أيدي الاحتلال، لكنهم كانوا وسطاء بين الشّعوب المُحتلّة وقوّات الاحتلال، وكانت السلطة التي يملكها هؤلاء الحُكَّام محدودة، لا يستطيعون سوى تقديم فروض الطاعة للرؤساء في الجانب الأقوى، ونتج عن هذا الأمر تحكّم ظروف الاحتلال في النُظم المُختارة في أوروبا، فالدول التي سيطرت عليها القوّات السوفييتيّة تشكلت فيها حكومات حصدت تأييد الاتحاد السوفييتي، أمّا الدول التي رفضت الشيوعيّة مثل النمسا واليونان، كانت تتطلّع إلى تقديم المساعدة من قبل واشنطن ولندن.

 

كانت الدول الكُبرى تسعى إلى مُساعدة الأقرب إلى صفِّها، وقد أدركت شعوب تلك البلاد الخلافات الكبيرة الذي بدأت تنشأ بين الاتحاد السوفييتي وباقي دول الحُلفاء خلال الفترة الواقعة بين عامي 1945-1946، ولكنها لم تتمكن من استغلال هذا الخلاف لصالحها بسبب الأوضاع السائدة، باستثناء فرنسا التي استطاعت استثمار هذا الخلاف من خلال الحصول على كميات كبيرة من الحبوب من الاتحاد السوفييتي، إضافةً إلى تمكنها من الحصول على قرض كبير من الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث أنّ دول الحلفاء كانت تعتبر فرنسا من الدول الأربعة الكُبرى، ولا يُمكن اعتبارها حكومةً فيشيّة.

 

 

مجلِس وزراء الخارجيّة

وضع الأقطاب الثلاثة (ستالين، روزفلت، تشرشل)، الخطوط العريضة لإرساء قواعد السّلام، وذلك خلال الاجتماع الذي عُقِدَ في طهران في شهر كانون الأوّل من عام 1943، والاجتماع الذي عُقد في يالطا في شهر شباط من عام 1945، وفي الاجتماع الذي عُقد في بوتسدام الألمانيّة عقب تسليم ألمانيا، وقبل الإعلان عن استسلام اليابان في شهر آب من عام 1945، ولكن هذه الأقطاب تغيّرت عقب وفاة روزفلت في شهر نيسان عام 1945، وتعيين (كليمنت آتلي) زعيم حزب العمّال بدلاً عنه لرئاسة وزراء بريطانيا.

 

 وبالرغم من الاختلاف، إلا أنّ أهداف تلك الدول بقيت واحدة، حيث أعلن الرئيس ترومان، والمارشال ستالين، ورئيس الوزراء آتلي في الثاني من شهر آب عام 1945، اتِّفاقهم على إنشاء مجلس لوزراء الخارجيّة، بحيث يُعهد إليه مُهمَّة وضع مُعاهدات السَّلام، ويحضره وزراء خارجيّة كلٍ من الاتحاد السوفييتي، والولايات المُتحدة الأمريكيّة، وبريطانيا والصّين وفرنسا، ولكن الكلمة الأولى والفاصلة في تقرير المواد المنصوصة في المُعاهدات؛ تعود للدول الثلاث الأولى، وقد انعقدت اجتماعات لمجلس وزراء الخارجيّة نحو مائة مرّة؛ في لندن وموسكو ونيويورك وباريس، وتكون تلك الاجتماعات بمشاركة مجموعة من الخُبراء، إضافةً لممثلين من الدّول الأخرى، بحيث يتم دعوتهم لمناقشتهم في مسائل تخص بلادهم، لكنّ آراء ممثلي تلك الدول كانت مجرّد آراء استشاريّة، أمّا مصير العالم الفعلي كان بأيدي الدول الأولى.

 

 وهي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا، حيث كان وزراء خارجيّة هذه الدول من أكفأ الساسة في دولهم، وهم:

وزير الخارجيّة الأمريكي جيمس فرانسيز بيرنز، ووزير الخارجيّة الإنجليزي إرنست بيفن، ووزير الخارجيّة السوفييتي فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف.

أوّل اجتماع لوزراء الخارجيّة تمّ عقده في لندن من 11 أيلول وحتّى الثالث من شهر تشرين الأوّل عام 1945، لكنّه كان اجتماعاً فاشلاً لاختلاف وزراء خارجيّة كلٍ من أمريكا وبريطانيا مع الوزير الروسي، حيث اتهموا الاتحاد السوفييتي بوضع العراقيل في المفاوضات، وتمّ الاتفاق بعدها على عقد اجتماعٍ آخر في موسكو في شهر أيّار من عام 1946، وبعد عقد اجتماع في شهر كانون الأوّل عام 1945، واستمر لمدّة أسبوع، وأسفر عن الاتفاق على عقد مؤتمرٍ للسَّلام تمثّل فيه 21 دولة، واتفق فيه مبدئيَّاً على وضع مجموعة من الخطط للحكم في كلٍ من اليابان وكوريا وبُلغاريا ورومانيا، إضافةً لانسحاب القوّات السوفييتيّة والأمريكيّة من الصِّين، ووضع عدد من الصيغ للمعاهدات الخاصَّة بالدول الأوروبيّة.

 

كان وزير الخارجيّة السوفييتي يُعارض اشتراك وزير خارجيّة فرنسا في اجتماعات مَجلِس وزراء الخارجيّة، ولكن تمّ التوصّل إلى نقطة تفاهُم مع الوزير السوفييتي حول هذا الموضوع، فقد تمّ سحب الاعتراض إبان إعلان وزير الخارجيّة الأمريكيّة بيرنز أنّ الولايات المتحدة تنظر في منح قرض مقداره بليون دولار للاتحاد السوفييتي، وتمّ عقد اجتماع في العاصمة الفرنسيّة حضره وزراء الخارجيّة الأربعة عام 1946، ومثَّل فرنسا في هذا الاجتماع وزير خارجيتها (جورج بيدو)، حيث تجلّت الخِلافات بين أعضاء المجلس حول مصير تريستا، وتوزيع المُستعمرات الإيطاليّة.

 

 إضافةً لموقف الحُلفاء حول حكومة (فرانكو) في إسبانيا، وحُريّة الانتخابات التي وُعِد بِها الشّعبان البُلغاري والرّوُماني، ومع اقتراب موعد مؤتمر السلام، جعل أعضاء مجلس وُزراء الخارجيّة يبحثون للتوصُّل إلى اتفاقٍ فيما بينهُم؛ وذلك لوضع صيغٍ مبدئيّة للمُعاهدات التي ستُعرض هُناك، أُعلن بعدها عن التوصّل إلى اتفاقٍ حول المسائِل المُهمَّة، وكان الهدف منها الحيلولة دون إتاحة الفُرصة للشعوب الصَّغيرة استغلال الخلاف بين الدول الغربيّة الكُبرى والاتحاد السوفييتي، وخلال مؤتمر السّلام تمّ عرض التسويات الموضوعة من قِبل مجلس وزراء الخارجيّة لكلٍ من فنلندا وإيطاليا والمجر ورومانيا وبُلغاريا، وكانت هذه التسويات بطبيعة الحال  أمورٌ مفروضة على تلك الدُّول الضّعيفة، والتي قبلتها صاغرةً في ذلك الوقت.

 

عند انتهاء مؤتمر باريس في تشرين الأوّل من عام 1946، لم تكن القرارات المُتخذة فيه جماعيّة أو نهائيّة، وبرزت فيه الخلافات بين الشّرق والغرب، ومنذ نهاية هذا المؤتمر ظهر في أنحاء أوروبا الانقسام بين الكُتلة الغربيّة، وبين الكتلة السوفييتيّة، وبدأت بعدها الولايات المُتحدة سياسة الثَّواب والعِقاب، فأبلغت تشيكوسلوفاكيا بأنّه قد تمّ تأجيل دفع القرض الذي وعدتها به، وقيمته خمسين مليون دولار، وقامت بمنح تركيا التي رفضت المثول للضغوطات الروسيّة؛ قرضاً بقيمة 25 مليون دولار، وكافأت النّمسا من خلال إعلانها دولةً محرّرة، كذلك مُنحت إيطاليا قرض قدره 50 مليون دولار.

 

في الدّورة الرّابعة لاجتماع مجلس وزراء الخارجيّة في شهر تشرين الثاني عام 1946، حيث خيّم الخلاف أجواء السياسة الدوليّة، وظهرت الانتخابات الأمريكيّة التي جلبت الحزب الجمهوري إلى الحُكم، ومن أهم مبادئ هذا الحزب عدم التهاون مع الرّوس، ومُعارضة السياسة الروسيّة، فرأى الروس بأنّ من مصلحتهم التخفيف مِن حِدَّة التوتُّر، والتوصّل إلى حلولٍ تُرضي الحُلفاء، لكنّ أزمة الثقة بقيت محتدّة بين الطّرفين، وتُعتبر الفترة الواقعة بين عامي 1945-1947، هي فترة تحطُّم الحِلف الكبير الذي جمع الاتحاد السوفييتي بالدول الغربيّة.

 

تَقسيم ألمانيا

توصّل الحُلفاء بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية إلى اتفاقٍ حول تقسيم ألمانيا، وذلك خلال مؤتمر يالطا المُنعقد عام 1945، حيث اتّفق الحُلفاء على أن تمتد الحُدود الشرقيّة لألمانيا على طول الخط الموازي لنهري أودر ونيسة، بينما يستولي الاتحاد السوفييتي على نِصف بروسيا الشرقيَّة، أمّا بولندا تُسيطر على سيلزيا العُليا والسُفلى، ودانتزج وبراندنبيرغ الشرقيّة، وغالبيّة أراضِي بوميرانيا، إضافةً إلى النِّصف الجنوبي من بروسيا الشرقيَّة، ويتم إعادة أرض السوديت إلى تشيكوسلوفاكيا، وقد تمَّ إعادة اللورين والإلزاس إلى فرنسا، ويوين ومالمدي أعيدت إلى بلجيكا.

 

قام الحُلفاء بتقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق مُحتلّة تبعاً للوجود العسكري الأجنبي في كل قسم، فكان القسم الشمالي من نصيب بريطانيا، أمّا الجنوبي كان من نصيب أميركا، والقسم الشرقي كان من نصيب الاتحاد السوفييتي، وفرنسا كان لها القسم الغربي من ألمانيا، أمّا فيما يتعلّق بالعاصمة الألمانيّة برلين الواقعة في قلب القسم الروسي، فقد اتفق الحُلفاء على تقسيمها لأربعة مناطق، غير أنّ تقسيم ألمانيا لعددٍ من المناطق المُختلفة والمُنفصلة لم يكُن أمراً طبيعيّاً من وجهة نظر الحُلفاء، فقد تبيّن للبريطانيين والأمريكان بعد مضي عامٍ من هذا التقسيم بأنّه من الأفضل توحيد الإدارة في هذه الأقسام، وقاموا بدعوة فرنسا للانضمام إليهم، وعند تنفيذ هذا الأمر تجلّى الرايخ الألماني من جديد في قسمين مختلفين.

 

 القسم الشرقي الذي يُسيطر عليه الاتحاد السوفييتي، والقسم الغربي الذي تسيطر عليه باقي الدول الغربيّة، ولم تكن هذه البادرة الأمريكيّة البريطانيّة قد نالت رضى الاتحاد السوفييتي، لأنّ الألمان في القسم الشرقي الروسي سيشعرون بأنّ مواطنيهم في القسم الغربي قد حققوا نوعاً من الوحدة تُفتقد عندهم في القسم الشرقي، لذلك اضطر السوفييت إلى الموافقة على مُناقشة عددٍ من المشروعات عام 1946، والتي تهدف إلى خلق وحدة اقتصاديّة شاملة لكافة الأقسام، إلا أنّ هذا الاتفاق لم يوقف التوتر بين السوفييت والغرب، واشتد الحوار بين الطرفين، حتى استحال إيجاد وسيلة للتفاهم بين المُعسكرين، ونتيجةً لهذا الأمر، لم يتمكّن الحُلفاء من وضع سياسة شاملة للمناطق الألمانيّة.

 

تصاعد التوتّر والخلاف

رفض ستالين خلال المؤتمر الذي عُقد في مدينة بوتسدام الألمانيّة، إجراء انتخاباتٍ في دول أوروبا الشرقيّة، لأنّه رأى أنّ إجراء مثل هذه الانتخابات قد تؤدّي إلى حدوثِ انتصاراتٍ مُعادية للاتحاد السوفييتي، وأضاف بأنّ المصالِح القوميّة بحاجة إلى أنظمةٍ قائِمة على الصداقة على الأقل في كُلٍ من رومانيا وبولندا وبُلغاريا والمجر.

 

أما الانتهاكات لاتفاقيّات يالطا، أدّت إلى ازدياد الهوّة بين الطّرفين، واتسع هذا الخلاف في شهر أيلول من عام 1945، وتحديداً حين عقد اجتماع مجلس وزراء الخارجيّة في لندن، حيث لم يقدِّم الاتحاد السوفييتي ممثلاً بوزير خارجيته مولوتوف أي شكل من أشكال التعاون فيما يخص الوضع في أوروبا الشرقيّة، وكان يهدف بهذا الأمر خلق حلقة من الدوّل التي تدور حول فلكه، وفي المقابل كانت الدول الغربيّة الأخرى تزداد وحدةً وتقارباً ضدّ الاتحاد السوفييتي، في هذا الوقت طلب الاتحاد السوفييتي إبعاد كلٍ من الصين وفرنسا من المُباحثات الكُبرى، وعند إدراكه رفض أميركا وبريطانيا لهذا الطلب أوقف المؤتمر بشكلٍ مُفاجئ، في هذه اللحظة بدأت سياسة تشديد القبضة على روسيا.

 

بعد هذا الاجتماع بدأت الزّعامات من الديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي بتأييد سياسة التعقيد، أمّا الجمهوريين طالبوا بسياسة أكثر شدّة في التعامل مع الاتحاد السوفييتي، أما ستالين فقد كان يتحرّك باتجاه تحقيق أهدافه بثقة في دول أوروبا الشرقيّة، دون أن يعير نداءات الدول الغربيّة لاتباع الأخلاق الدوليّة أي اهتمام.

 

مظاهر الصراع خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1945-1947

  • قام الاتحاد السوفييتي بتوسيع حدوده باتجاه الغرب، حتّى تمكن من ضم بلاد وصل تعداد سكانها إلى 21 مليون نسمة، ولم يكونوا تابعين للسوفييت قبل عام 1939.
  • سيطرة الاتحاد السوفييتي بشكلٍ كامل على دول شرق أوروبا، وذلك لتأمين حدوده الغربيّة.
  • سعى الاتحاد السوفييتي للحصول على أكبر نسبة من التعويضات الماليّة من ألمانيا، بحجّة إصلاح الدّمار الناتج عن عدوان هِتلر على الأراضي السوفييتيّة.
  • عودة الاتحاد السوفييتي مُجدداً إلى تدعيم الشيوعيّة، لمجابهة الدول الرأسماليّة، وذلك من خلال تنفيذ خطّة الـ (خمسة أعوام)، والتي تولي جلّ اهتمامها لدعم الصناعات الثقيلة، وتسليح الاتحاد السوفييتي بالأسلحة الذريّة.

 

مقالات متعلقة في ثورات وحروب