بحث حول الفلسفة اليونانية، مفهوم الفلسفة وبداياتها، الفلسفة اليونانية، الأطوار التي مرت بها الفلسفة اليونانية، خصائص الفلسفة اليونانية، أسباب ظهور الفلسفة
فلسفة أو فيلوسوفيا، كلمة معرّبة من اللغة اليونانيّة، وتتكوَّن من مقطعين، هما (فيلو) بمعنى محبّة، و(سوفيا) وتعني حكمة، ومع دمج المفردتين يتضح المعنى (محبّة الحِكمة).
مفهوم الفلسفة بمعناه العام هو عبارة عن حقل للبحث والتفكير لفهم أسرار الكون والوجود والحياة بشكلٍ أساسي، وبمعنى آخر البحث عَن الحَقيقة باستخدام المنطِق، وعلاقة الإنسان مع محيطه المجتمعي والطبيعي، فالفيلسوف هو مُفكِّرٌ عميق إمّا أن يكون مُحبّاً للخير، أو أن يكون شريراً مُتشائِماً، فالفلسفة وجدت للبحث الدّائِم عن الحقيقة، وتهدف في وجودها إلى معرفة وتحسين (فن الحياة أو العيش).
فقد كان الفلاسفة يتحدّثون مُستخدمين في كلامهم الحجج والمنطق لمعنى العدالة وكيفيّة تحقيقها، والمعنى الحقيقي للخير والشر، ومن هنا كانت بداية ميلاد الفلسفة ونشأتها، وانتشرت في أرجاء الكون، لتتوسع هذه المفردة في المعنى والمُحتوى، وتتفرّع عنها مدارس فلسفيّة عديدة.
كالفلسفة العدميّة والوجوديّة والعبثيّة، والميتافيزيقيّة، والفلسفة الرواقيَّة وغيرها، وتُعتبر الفلسفة أيضاً بأنّها فن تركيب وابتِكار وصُنع المفاهيم، والفيلسوف هو عبارة عن الصديق المقرَّب لهذا المفهوم، أو هو التصوُّر الحي لهذا المفهوم، أو يلخّص – بحسب تعريف دولوز للفلسفة والفلاسفة – بأنّه الشخصيَّة (المفاهيميَّة).
وتعرّف الفلسفة أيضاً على أنَّها فن التبحُّر في اكتشاف كافَّة الاحتمالات الموجودة، والتي لَم تُخلَق بعد، وتُبنى على احترام العِلم، وليس على الفائضِ منه، ومن هذا المنطلق أصبح من الصّعب تحديد تعريف خاص للفلسفة.
كانت البدايات الأولى لظهور الفلسفة اليونانيّة بين القرنين السَّابِع والسَّادس ق.م، وانطلقت الشرارة الأولى لها من مدينة (أيونية) اليونانيَّة الواقعة على السَّاحِل الغربي لآسيا الصُغرى، ومنها انتشرت في باقي المدن اليونانيّة، وتجاوزتها إلى جنوب إيطاليا، وامتدت لتشمل كافة المُدن الساحليّة الواقعة في جزيرة صِقليَة، وزادت رقعة انتشارها حتّى وصلت إلى مدينة أثينا في القرن الخامس ق.م.
وخلال هذه الفترة، كانت الفلسفة اليونانيّة قد بلغت قمة مجدها وازدهارها، وتمّ التطوير عليها خلال فترة حُكم الإسكندر المقدوني ومن جاء بعده خلال القرن الرّابع قبل الميلاد، لكنّ أوج هذه الفلسفة بدأ بالزوال في نهايات القرن السادس الميلادي.
ومن هنا اعتبر العديد من الباحثين والمؤرخين بأنَّ التاريخ الحقيقي للفلسفة قد بدأ في اليونان، وهذه الفلسفة هي التي شكلت مؤشّرات المعرفة في الحضارة والفكر اليوناني، ويعدّ التراث اليوناني الوحيد المحفوظ منذ ذلك التاريخ حتّى يومنا هذا، على العكس من الحضارات الشرقيّة القديمة التي لم يُخلّدها التاريخ، ولم يصلنا منها سوى شذرات بسيطة لا تكشف النقاب عن ماهيتها، وكل ما هو موجود عن تلك الحضارات هي مجرّد افتراضات بنيت على المعلومات البسيطة تلك.
ومن المهم الإشارة إلى أسماء أشهر الفلاسفة اليونانيين، والذين كان لهم الفضل الكبير في وضع الأسس في أصول المعرفة في الحضارة اليونانيّة، ومنهم أرسطو الذي اخترع علم المنطق، وأفلاطون الذي ألف كتاب (الجمهوريّة)، والذي شرح فيه ماهيّة المدينة الفاضلة، وسقراط الذي بيّن أهميّة نقاش كافّة الأمور قبل الاقتناع بها.. وغيرهم.
مرّت الفلسفة اليونانيّة منذ لحظة ميلادها بثلاثة أطوارٍ رئيسيَّة، هي:
طور النُشوء: وتقسم هذه المرحلة إلى فترتين رئيسيتين، هما: فترة ما قبل سقراط الذي وضع فيها الأسس النظريَّة للفلسفة، وتميّزت هذه الفترة بتعدّد النظريّات والحسابات الفلسفيَّة التي تُحاول تفسير الكون، وأما الفترة الثانية هي فترة سقراط والـ (سوفسطائيين)، وأدّت هذه الفترة إلى ظهور الفلسفة العلميَّة، وتميَّزت بالتطوُّر الفِكري، والذي مكنهم من تفسير مناهج الجدل وأصول الأخلاق.
طور النُضوج: وظهرت ملامح هذا الطور إبان ظهور أفلاطون الذي قم بدراسة كافة المسائل الفلسفيّة العِلميَّة والنظريَّة، وتوصّل إلى العديد من النتائج والحقائق المهمّة، وقد اعتمد في تلك الدراسات الفلسفيّة على مَزج البرهان بالقصّة والحقيقة بالخيال، أمّا الفيلسوف الثاني الذي أسهم في تشكّل هذا الطور هو أرسطو، والذي تمكَّن من حل المسائل الفلسفيَّة بالعقل، الأمر الذي مكّنه من وضع تقسيمٍ نِهائي للفلسفة.
طور الذُبول: وهو الطور الأخير الذي قلَّ فيه تأثير الفلسفة في حلِّ المسائل وابتِكار الحلول، واقتصر دورها فقط على تعديل المذاهِب السَّابِقة وتجديدها.
تتميّز الفلسفة اليونانيّة بمجموعة من الخصائص، نلخصها كالتالي:
فلسفة طبيعيَّة: حيث ركزت الفلسفة اليونانيَّة على العالم الطبيعي، دون تفريقٍ بين الطبيعتين الداخليَّة والخارجيّة، إضافةً لهذا فإنّ الفلسفة اليونانيَّة لم تفصل الرّوح عن المادَّة ولا عالم الروح عن عالم المادَّة، لأنَّ طبيعة المادَّة حيَّة، ولم تفصل الإنسان عن الطّبيعة.
الاتجاه إلى الموضوع مُباشرةً: لم توجِّه الفلسفة اليونانيَّة نقداً صريحاً للقدرة على إدراك العوالم الخارجيَّة، ولم تعمل على إيجاد فرقٍ بين حقيقة الأشياء وكيفيَّة ظهورها لنا.
احتِواء جميع فُروع الفلسَفة: اشتملت الفلسفة اليونانيَّة منذ لحظة نشأتها على كافة فروع الفلسفة، كالمنطِق والرياضة، والاقتصاد والفَلَك والأخلاق وغيرها، ومن خلال هذه الفروع تمكَّنت من البحث في الوجود الكُلِّي المُجرَّد، لأنَّ هدفها الرئيسي هو مَعرفة ماهيّة الأشياء، إضافةً لحقائقها وخصائصها، واستمرَّت هذه الخاصيَّة ضمن الأدوار الفلسفيَّة اليونانيَّة على الرّغم من اختلاف الفلاسفة.
دِراسة العِلم لِذاتِه: تهدف الفلسفة اليونانيّة منذ لحظة ميلادها الأولى إلى الوصول للمعرفة، فالمعرفة في هذه الفلسفة غايةً وليست وسيلة، ويرى أرسطو بأنَّ دِراسة العِلم بهدف المعرفة أفضل بكثير من دِراسته لتحقيق غايات عمليَّة أو دينيّة من خلاله، لكن الفلسفة اليونانيّة اعتبرت بانَّ العمل مُكملاً للعِلم، ومن هنا جاء التّركيز في هذه الفلسفة على الناحية العمليّة والعلميَّة.
الاعتِماد على العَقل: ارتكزت الفلسفة اليونانيَّة على العقل بشكلٍ أساسي، وتميّز الفِكر اليوناني بتحرُّره وطلاقته، فيما كان العقل اليوناني يعمل على صياغة العُقد والمشاكِل، ويبتكر الحلول والاجتهادات لحلِّها.
تعدَّدت الأسباب والعوامل العوامل التي أدَّت إلى ظهور الفلسفة اليونانيَّة، وهي:
التقدُّم والتطوّر الكبير الذي حقّقته الحضارات السّابقة، كالمصريَّة والرافديَّة والفينيقيَّة في العلوم والفنون والعِمران، اجتمعت جميعها لتُكمل نمو الحضارة اليونانيَّة، وذلك من خلال ظهور الفلسفة في مراكز مُحاذية لهذه الحضارات، أو قريبةً مِنها.
موقع الحضارة اليونانيّة الجغرافي المُتميِّز، والذي يتمثَّل بالظروف الجغرافيَّة لجزيرة مالطا الواقعة في آسيا الصُغرى، وتمتاز بمناخِها الرّاِئِع، إضافةً إلى وقوعها في نِهايات الطُرُق التجاريَّة ومصبَّات الأنهار، وأسست هذه الجزيرة ما يُقارب من ثمانين مستعمرةً امتدَّت عبر طول البحر وعرضه.
الأمر الذي سهّل لسكَّانها التنقُّل إلى المدن البعيدة ومراكز الحضارات الأخرى، كالحضارتين المِصريَّة والبابليَّة، وتعلّموا مِنها العديد من العلوم، كالفلك والهندسة والعَقائِد، إضافةً إلى الفنون، وقاموا بنقلِها إلى بلادهم.
ومن العوامل الأخرى التي أدّت إلى ظهور الفلسفة اليونانيَّة العامل السياسي والاقتصادي والفِكري، حيث تميّزت جزيرة مالطا أو مالطية في ذلك الوقت باستقرارها السِّياسي؛ ويعود سبب هذا الاستقرار إلى عقدها العديد مِن الاتفاقيَّات والمُعاهدات.ومن أهمِّها مُعاهدة تم عقدها مع ملك ليديا، والتي أسهمت بشكلٍ كبير على تحرُّر اليونانيّين من مخاوفهم بشأن الأوضاع السياسيَّة، وتفرُّغهم للعديد من المجالات الأخرى.
كالفنيَّة والثقافيّة، أمَّا مِن الناحية الفكريَّة، فقد قامت مالطا بإنشاء أرستقراطيَّة فكريَّة ثقافيَّة قائمةً على التسامُح الفِكري، ومن النَّاحية الاقتصاديَّة، فقد أحدث الثَّراء الفاحش فراغاً كبيراً لدى اليونانيين، وأصبح العبيد هُناك هم من يقومون بكافَّة الأعمال اليوميَّة المُختلفة.
فلسفة كونفوشيوس والفكر الاستراتيجي الصيني
أساطير حضارة المايا
أشهر الأساطير في التاريخ
حضارة المايا
الآلهة اليونانية
أسئلة الفكر الفلسفي
جدلية أصل المفاهيم الرياضية
العلاقة بين قدرة الإنسان على التفكير وقدرته على التعبير
هل التجربة شرط في كل معرفة علمية
جواهر فلسفية من التوحيد
إبيقور والفلسفة الإبيقورية
جميع الحقوق محفوظة © 2020 | موقع أجراس