الذكاء في علم النفس

الذكاء في علم النفس، الذكاء، تاريخ الذكاء، تعريف الذكاء في علم النفس، تفسير طبيعة الذكاء بحسب النظريات الفلسفية، نظرية العاملين، نظرية العوامل المتعددة، نظرية

  • 819 مشاهدة
  • Feb 18,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب وائل حمزة
  • ( تعليق)
الذكاء في علم النفس

الذكاء في علم النفس

 

الذّكاء

هو مُصطلح يُطلق على القُدُرات العقليَّة الّتي تتميّز بِالقُدرة على التَّخطيط والتَّحليل، وسُرعة التصرُّف، وحلِّ المشاكل بِسهولة، وبِناء جميع الِاستِنتاجات، بالإضافة لامتلاك القُدرة على التّفكير المُجرّد، وجمع الأفكار وتنسيقُها، والسُّرعة في التعلُّم، والتقاط بعض اللُّغات، كما يصف بعض العُلماء الذّكاء بأنّهُ اَلْقُدرَة على فهم مشاعر الآخر، وإبداء المشاعر الخاصَّة.

 

تاريخ الذّكاء

لقد كان الإنسان المِثالي عندَ الإغريق، هو ذلك الشّخص القادر على القيام بكلِّ يفعلهُ ببراعةٍ تامَّة، ويستخدم عقلهُ في التّفكير، أمَّا الرّومان نظروا للذكاء على أنَّه الشّجاعة، لكنَّ الصِّينيُّون لديهم نظرةً أُخرى للذكاء، حيثُ اعتبروا كُل من يمتلك الموهبة في إِتقان الشّعر والرّسم والموسيقى، يكون شخصاً مثاليّاً، أمّا في مجتمعنا الحالي، يُعد المِقياس هو الذّكاء قبل أيّ شيء.

ويُعد الذكاء مُنذُ القِدم  قُدرة الإنسان على إتقان فعلٍ ما ويُبدع فيه، والتّعبير من خلال التّفكير، أو النشاط الحركي، وبمفهومٍ آخر هو القُدرة العقليَّة على التكيُّف في جوانب الحياة المُختلفة، بالإضافة للقُدرة البدنيَّة.

في القرن التّاسع عشر، أعتقد العالم البريطاني المُختصّ في علم النفس (فرانسيس جالتون)، بأنَّ الذّكاء ينتقلُ من اَلأَب إلى الابن حسب علم الوراثة، لذلك عملَ بالبحث عن الذّكاء في أولاد وأبناء القياديِّين الّذين اشتهروا بالعظمَة والقوّة.

وفي الحرب العالميّة الأولى، كانت الولايات المُتحدة الأمريكِيَّة تقوم بفرض اختبار الذّكاء على كُلِّ من يرغب بالالتحاق في صفوف الجَيش، ومن خلال هذا الاختبار حصلَ الرِّجال ذوو البشرة السّوداء على علاماتٍ أقل من الرِّجال ذوو البشرة البيضاء، ومن هذا المُنطلق ظهر مُصطلح آخر، هو أنَّ الذّكاء يأتِ من خلال نوع البيئَة المُتوارث منها، أي أنَّهُ يعود نسبة الذّكاء لِطبيعَة البيئَة الّذي خُلق فيها الإنسان.

 

الذّكاء في علم النفس

يُعدّ مفهوم الذّكاء في علم النفس قديماً جِدَّاً، وأوَّل من ساعدَ في ظهوره هو الفيلسوف (شيثرون)، حيثُ كان الفلاسفة يعتمدون في تفسير الذّكاء على أسلوب المُلاحظة، فساروا على منهج الاستِبطان، ويُقصد بالاستِبطان أن يضع الإنسان نفسهُ تحت اختباراتٍ مُختلفة ليصف بماذا شعرَ أثناء هذه التَّجربة، وتعتمد أيضاً عمليَّة الاستِبطان في علم النفس على مُلاحظة الشّخص نفسهُ لحالتهِ العقليّة، وتدوين بعض المُلاحظات.

ولكن كُل هذه النظريّات والمُلاحظات الّتي دوَّنها الفلاسفة نتيجة تجاربهم، لا يُمكن الاعتماد عليها بشكلٍ أساسي ونهائيّ، إلا بعد إِخضاعِها للدِّراسات العلميَّة والتجريبيَّة.

 

تعريف الذّكاء في علم النفس

اختلف عُلماء النفس في تعريف الذّكاء، فهُناك من اعتمدَ في تَعريفه على تَكوينه وبُنيَته، وهناك من عرّفهُ بحسب مهامهِ ووظيفَته، أمّا التّعريف المُعتمد بشكلٍ عام هو عمليَّة حسيَّة وحركيَّة، تتميز بِقُدُراتٍ مُتعدّدة ومُستمرَّة، حيثُ يتم تَفعيلها من بعد تَدعيم العامل والاستعداد الوراثي بالمُثيرات الخارجيَّة، والمُنبهات المُناسبة، وتنقسم هذه التّعريفات إلى قِسمَين:

  •  تعريفات الفلاسفة للذكاء بشكلٍ عام:
  1.  تيرمان: قال تيرمان عن الذكاء، بأنَّه القُدرة على القيام بعمليَّة التّفكير المُجرّد، والتّجريد هو اشتِقاق جميع المفاهيم الحرفيَّة ماديَّةً كانت، أو حقيقيَّة.
  2.  كولفن: هو وصول الفرد إلى مرحلة القُدرة على عمليَّة التعلُّم.
  3.  شترن: واصفاً الذّكاء بأنَّهُ القُدرة العامَّة على التكيُّف العقلي للمشاكل، ومواقف الحياة الجديدة.
  4.  جورداد: هو تَوظِيف الخِبرات السّابقة، والعمل على الاستفادة منها في حلّ المُشكِلات الحاليَّة، بالإضافة إلى التوقُّع والتنبؤ بالمُشكِلات المُستقبليَّة الّتي من المُمكن للفرد أن يتعرَّض لها.
  5.  هارود جاردنز: هو مستوى كفاءةِ الفرد الفكريَّة الّتي تتشكَّل من مجموعة مهارات، والّتي تُمكِّن الفرد من استخدامها عِند مواجهة اَلْمُشكِلات والعمل على حلِّها، بالإضافة لاكتساب معارِف جديدة.
  • تعريفات الفلاسفة للذكاء بحسب بِنائه التَّكويني:
  1.  بينيه: قال بِينيه عن الذّكاء أنَّ لديهِ أربعة قُدُرات: النّقد، والابتكار، والفهم، والقُدرة على تَوجيه عمليَّة التّفكير في جانبٍ مُعيّن، والاستمرار بالخوضِ فيهِ.
  2.  سبيرمان: قالَ سبيرمان عن الذّكاء بأنّهُ القُدرة أو العامل، والاستعداد الفِطري العام الّذي يعملُ على التَّأثير في آليَّة عمل النّشاط العقلي في جميع أشكالهِ ومواضيعهِ.
  3.  ثورندايك: عرّف الذّكاء بأنّهُ مجموع المتوسِّط الحسابي للعَديد من القُدُرات الّتي تكون مُستقلَّةً عن بعضها البعض، كما أنَّهُ رفض مَبدأ الذّكاء العام.
  4.  سيريل بييرت: عرّف الذّكاء بأنَّهُ اَلْقُدرة الفطريَّة المعرفيَّة.

 

تفسير طبيعة الذّكاء بحسب بعض النظريات الفلسفيَّة

لقد كانت هُناك آراء مُختلفة لتفسير معنى الذكاء وتعريفه، وظهرت عدَّة نظريات، عبَّرت كُل نظريّة بمفهومٍ مختلف عن الأُخرى، نذكُر منهم:

  • نظريَّة العاملين للفيلسوف سبيرمان:

أعتبر سبيرمان أنَّ الذّكاء ليسَ مُختصراً على عمليَّة مُحدّدة من العمليات العقليَّة كالتّفكير، والإدراك، والاستنباط، بل هو عبارة عن عامِل يؤثّر على جميع العمليَّات العقليَّة وقُدراتها بمستوياتٍ ونِسبٍ مُتفاوتة، بالإضافة لاشتراك العوامل المؤثّرة بشكلٍ خاص، والعامِل الّذي يُقصَد بهِ هو الّذي يؤثّر على سير العمليَّات؛ كالابتِكار والاستدلال، بالإضافة للإدراك الحسّي، وبذلك فإنَّ الذّكاء هو الجوهَر وأساس العمل العقلي ونشاطه، لِيظهر في استجابات الفرد في كافَّةً نشاطاته المُختلفَة.

  • نظريَّة العوامل المُتعدّدة للفيلسوف ثورندايك:

يعتقد ثورندايك أنَّ الذّكاء عبارة عن مجموعة من القُدرات والعوامل المُتعدّدة، فعندما يقوم الفرد بعمليَّة عقليَّة يتوجّب عمل جميع القُدُرات مع بعضها بصورةٍ مُشتَركَة، باعتبار وجود روابط فيما بينهُم، كما يرى ثورندايك أنَّ العمليَّة العقليَّة هي نَتيجة العمل المُعقّد للجهاز العصبي من حيثُ قيامه بمهامهِ ووظائفهِ بشكلٍ تام، وقام ثورندايك بِتَصنيف الذّكاء إلى ثلاثة أنواع، هي:

  1.  الذّكاء المُجرّد: وهو معالجة الألفاظ والمفاهيم والرّموز المُجرّدة بكفاءةٍ عاليَة.
  2.  الذّكاء الاجتماعي: هو القُدرة على التكيّف اجتماعياً بشكلٍ فعّال، وإقامة العلاقات الاجتماعيَّة الناجحة.
  3.  الذّكاء الميكانيكي: هو قُدرة الفرد في التّعامل مع الأشياء والأجسام المحسوسة الماديَّة.
  • نظريَّة العوامل الطائفيَّة لثيرستون:

حيثُ يرى أنَّ الذّكاء هو عبارة عن مجموعة من المهارات والقُدرات العقليَّة المُنفصلة عن بعضها بشكلٍ جُزئيّ، وهناك عمليَّاتٍ مُعقّدة يظهرُ بينها عَوامِل مُشتركَة بشكلٍ رئيسي، ليتم العمل بهدفٍ واحد من أجل القيام ببعض المهارات، ويظهر ذلك عند حاجة الفرد لاستخدام القُدرة العدديَّة، والقُدرة على تَكوين البُعد البصري والتصوّر عند الاستدلال لفهم العمليَّات الرياضيَّة؛ الجَبر والهندسيَّة، وأيضاً عند الحاجة لفهم إحدى القصائد، حيث يحتاج الفرد لاستعمال مجموعة من القُدرات العقليَّة، كالقُدرة على اللّفظ والتذكّر، وفهم معاني المُفردات.

  • نظريَّة الذّكاء المُتعدّدة لغاردينر:

ينقسم الذكاء عند غاردينر إلى ثمانية أقسام، وكُل هذه الأنواع يُضاف عليها صِفتين مُشتَرِكَتين بهما، فالصفة الأولى هي أنَّ الذّكاء لا يأتِ من الوراثة فقط؛ بل قد يكون مُكتَسَب، أمّا الصفة الثَّانية هي جميع هذه الأنواع قادرة على التعلُّم والتدريب، وهذه الأنواع هي التَّالِية:

  1.  الذّكاء اللّفظي واللّغوي: هو القُدرة على التعلُّم اللُّغات من دون استثناء، وتوظيف هذه اللُّغة المكتوبة والمنطوقة في التَّعبير.
  2.  الذّكاء الرّياضي أو المنطقي: وهو القُدرة على تحليل واضح للمُشكِلات بشكلٍ منطقي، وإتمام العمليَّة الحسابيَّة المُعقّدة، بالإضافة لاستخدام بعض المهارات من التعليل والاستنتاج وتَفكير الناقد، والقُدرة أيضاً على التقصّي وإجراء البحث العلمي.
  3.  الذّكاء الحسي أو الحركي: هو القُدرة على تحقيق الأهداف المُعيّنة من خلال استخدام القُدرات الحركيَّة والجِسميَّة.
  4.  الذكاء التّفاعُلي، أو الاجتماعي: هو القُدرة على فهم الآخرين من الدَّوافع الّتي لديهم، والعمل معهم، والتَّأثير عَلَيهِم.
  5.  الذّكاء الفردي، أو الذَّاتي: هو استطاعة الفرد على استخدام إمكاناته وقُدُراته في تطوير ذاته، بالإضافة لقدرته على فهم عواطفهِ، وأحاسيسه، وذاتهِ، ومشاعرهِ، ومخاوفهِ.
  6.  الذّكاء النغَمي، أو الموسيقي: هو استطاعة الفرد على التعامل مع النغمات الموسيقيَّة، وقُدرتهِ على تقليدها.
  7.  الذّكاء التّصويري، أو المكاني: هو القُدرة على استخدام الفراغات والمساحات المكانيَّة.
  8.  الذّكاء البيئي، أو الحيوي: هو استطاعة الفرد على التّعامل مع البيئَة الطّبيعيَّة والحيويَّة .
مقالات متعلقة في علم نفس