حقيقة المخلاف السليماني

المخلاف السليماني، حقيقة المخلاف السليماني، قصة مدينة من التاريخ اسمها جزان، معنى المخلاف في المعجم، موقع المخلاف السليماني، اصل التسمية، نسب الاشراف السليماني

  • 2164 مشاهدة
  • Jan 14,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب سلام نذير عزام
  • ( تعليق)
حقيقة المخلاف السليماني

حقيقة المخلاف السليماني

قِصَّة مدينة من التّاريخ، اسمها جزَّان



 المِخلاف هو مصطلح إداري كان قد استخدم في بلاد اليمن، حيث كانت الناحية هُناك تُعرف بالمِخلاف، ويضاف إليها اسم مكان، أو زعيم القبيلة، او الأب الأكبر، وقد كان باليمن أكثر من 81 مِخْلافاً.



معنى المخلاف في المعجم

 
أمّا معنى المِخلاف في معجم المعاني الجامع، فهو بقعة تجتمعُ فيها المساكِنُ والقُرى، وهو أيضاً الكُورة، والمديريّة أو المُحافظة في المعنى الحديث، والجمع منها مخالِيف.

 

موقع المخلاف السليماني

 

 هي منطقة صغيرة تقع جنوب غرب الجزيرة العربيَّة، لكنَّها تحفل بتاريخٍ عريق، وهي الّتي تُعرف اليوم بمنطقة جاَزَان في السعوديّة، والتي تقع أقصى الجنوب الغربي للمملكة العربيَّة السعوديّة، غرب ساحل البحر الأحمر، فيما يمتدّ المِخلاف السُّليماني جنوباً من الحديدة في اليمن، والتي تبعد مسافة 226 كم عن العاصمة اليمنيّة صنعاء، حتَّى منطقة الّليث السعوديّة، والتي تبعد 180 كم عن مدينة مكّة جنوباً، وتتبع لإقليم تُهامة، على الساحل الغربي للمملكة العربيّة السعوديّة.



أصل التسمية


قد اختلف المؤرّخون في تاريخ التسمية، فمنهم من نسبها إلى سليمان بن طرف الحكمي، وآخرون نسبوها إلى الأشراف السليمانيّين القادمين من الحجاز.



نسب الأشراف السّليمانيّون

 

يرجع نسب الأشراف إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن ذريّة الشّريف داود بن سليمان بن عبد الرضا، وهو أوّل خارج من الحجاز إلى اليمن، حيث استقرَّ في حرض، واستولى على إمارة الساعد في حرض بمساعدة الإمام يحيى بن الحسين الهادي، في الفترة الواقعة بين عامي 280هـ، إلى 298هـ.
وقد انتقل الأشراف إلى المِخلاف السّليماني في جازان نهاية الرُّبع الأخير من القرن الثالث تقريباً، فاستوطنوه واستولوا على إمارته عام 393هـ من الحكّام الحكميّين، بعد أن كانت مِخلاف السّاعد لجدّهم الشّريف داود بن سليمان الحسني.

 

من هو سليمان الحكمي


سليمان الحكمي هو الّسُّلطان بن طرف بن الغطريف بن محمدّ بن الغطريف بن جليل بن عبد الجدّ الحكمي، مؤسِّس دولة بني الحكم من  عام350 ه، إلى 393 ه، وقد تولَّى سُليمان مدينتي حَكَم وعَثر.
في عصر الدَّولة العباسيَّة، وبالتحديد عام 204، في عهد الخليفة المأمون، ويذهب بعض المؤرِّخين بأنَّ المخلاف السليماني هومن الآثار الباقية من عهد حاكم المنطقة سليمان بن طرف الحكميّ، الذي كان قائماً على مخلاف حكم، والذي سيطر بعدها على مِخلاف عثر، حيث وحّد بين المخلافين منذ القرن السادس الهجري، كما جاء في كتاب عمارة الحكمي، فحين كان مِخلاف تُهامة تحت حكم الدَّولة الزياديّة إلتى تولّاها أبو الجيش اسحق بن إبراهيم بن زيّاد، طال حكمه كثيراً حتى بلغ ثمانين سنة، فقامت عليه البلاد، واستقلّ بعضها، ومنهم سليمان بن طرف الحكميّ، ولم تسقط إمارة بني طرف إلّا على يد الدّولة الصليحيّة حوالي 450هـ.
وتبقى شخصيّة سليمان بن طرف هي شخصيّةً مُبهمة، لكن لا يلغي وجودها أو عدمه، عدم ظهور اسم سليمان على النقود المسكوكة بين 340هـ ، و390هـ.


أساطير حول تسمية المِخلاف


هناك بعض الرّوايات تذهب إلى أنّ نسب المِخلاف السُّليماني، يعود للنّبي سليمان بن داود عليه السّلام، أو أنّ جازان هي حبسٌ لجنّ سليمان عليه السّلام، لكن كلتا الروايتين يعوزهما المصدر والشّاهد.

ورغم أنّ معنى مخلاف جاء على معانٍ عدّة بحسب المعاجم اللغويّة، لكنّ معنى الخلاف، المشتق من جذر الكلمة، هو الذّي يُميِّز واقع هذه المنطقة، فهل لها تبعيّة سعوديّة بالكامل، أم قسم منها يمانيّ؟.

 

المِخلاف السليماني عند الطُمَيحيّ

 
في كتابه " المخلاف السليماني والعرش في منطقة جازان، الوهم والحقيقة "، للدكتور فيصل الطميحي، مدير متحف جازان، وعضو الجمعيّة السعوديّة للمحافظة على التُّراث، يبحث في الجانب التاريخي لمنطقة جازان في العصر الإسلامي الوسيط، ويؤكّد أنّ المِخلاف السُليماني، ليس هو الاسم القديم لكامل منطقة جازان، بل يُمكن أن يُطلق على جزءٍ منها فقط، فلكلِّ موقع امتداده التاريخي، ويقول الطُّميحي في كتابه، أنَّ دولة بني طرف بدأت في مدينة حَكَم، في المنطقة الجنوبيّة، ثُمّ خرجوا شمالاً، والمقصود بهذه الدولة هي تبعيتها إلى سليمان بن طرف الحكمي، الّذي كان قائماً على مِخلاف حَكَم، ثمّ استولى على مِخلاف عثر، ووحّدَ المِخلافين، ليتّخذ المِخلافين اسماً موحّداً، وهو المِخلاف السُّليماني، حيث اتّخذ من مدينة عَثر عاصمةً له،
وبحسب الطميحي، فهناك دراسات ظهرت اعتمدت على بعض المعثورات من النقود الإسلاميّة، إضافةً لنصوصٍ تاريخيَّة، تذكر بأنَّ بني طرف حُكَّام عثر، لا ينتمون إلى قبيلة حكم، وأنّه لم يرد في المعاجم الجغرافيَّة التّابعة للعصور الإسلاميّة الوسيطة، أيُّ  خبَرٍعن المِخلاف السُّليماني، مضيفاً أنّ تسمية جازان بالمِخلاف السُّليماني كانت في القرن الحادي عشر.

 

ردّ محمد حاوي على الطميحي في مسألة المِخلاف السليمانيّ


كشف أستاذ التَّاريخ في جامعة الملك خالد بأبها الدكتور محمد حاوي ما سمّاه المُغالطات التاريخيَّة حول المِخلاف السُليمانيّ، وذلك بحسب ما ورد في كتاب الدكتور فيصل الطّميحي، وقد تركّزت نقاط الاختلاف بينهما بما يلي:

الأولى: هي حول الامتداد الجغرافي للمِخلاف، حيث يرى الدكتور الطّميحي أنّ مُسمَّى المِخلاف السُّليماني لا يشمل كلَّ المنطقة، بل يقتصر على الجُزء الشمالي منها فقط، أي "بيش وغيره"،
فيما يُغالط الدكتور حاوي هذه الفكرة، لاستناده على ما قاله "الهمداني" في كتاب "صفة جزيرة العرب"، والّذي كان لبني مخزوم، ومواليهم، وموالي بنوا مخزوم هم بنو طرفٍ، وهو مشابهٌ لما ذكره "ابن حزم الأندلسي" في كتاب " جمهرة أنساب العرب "، حيث ذكر أنّ طرفاً وابنه كانا من موالي محمّد بن عيسى، وإمارة بني طرف بدأت من الشّمال، وبحسب ما جاء في كتاب " إنباء الزَّمن " للمؤرِّخ اليمني  يحيى بن الحُسين، يذكر بالتّحديد مكان عيسى بن محمّد في بيش وعَثر، وأنّ الخليفة المُعتمد، عندما قام بدعوة عيسى بن محمّد، للقضاء على ثورة إسماعيل بن يوسف في مدينة مكّة المكرّمة، حيث خلفه ابن طرف في حكم مِخلاف بيش وعثر.

 

شخصيّة سليمان بن طرف لدى الطّميحي

 
قد نفى الدكتور فيصل الطّميحي، لهذه الشّخصيّة بالقطعيّة بناءاً على أنّ النقود المسكوكة في الفترة التي يرى الطّميحي، أنّها لم تحمل اسم سليمان بن طرف، وردَّ الدكتور محمد حاوي على الطميحي بمسألة شخصيَّة سليمان بن طرف، حيث استشهد الدكتور حاوي بكتاب " الغرر والدُّرر للناشري، الّذي ذكر أنّ المِخلاف السّليماني يُنسب إلى سليمان بن طرف، وكذلك فإنَّ الأديب المشهور عيسى بن سحبان أحد شعراء المِخلاف، قد ذكر مِخلاف بن طرف كذلك.
كما ذكر الشَّاعر والفقيه والأديب اليمني عمارة الحكمي في كتابه " تاريخ اليمن "، طبعة الأكوع وطبعة المستشرق الفرنسي "كاي"، حيث تمّ ذكر سليمان بن طرف حرفيّاً، بينما اعتمد الطّميحي على ما جاء به نايف الشّرعان، حول شكّ النّقود الوارد في كتابه " نقود الخلافة الأمويّة والعباسيّة "، حيث أشار فيه إلى نقود عثر، فقد نفى حقيقة وجودها، بناءً على عدم ظهور اسمه على النّقود المسكوكة خلال القرن الرّابع الهجري.

وفي النِّهاية فقد انقسم المؤرِّخون في مراجعهم التاريخيّة، حول أصل هذه المنطقة العريقة، ولكلٍّ رؤيته وحجّته، لكنَّها تبقى شاهدةً على حضارةٍ إنسانيَّة امتدَّت لمئات السِّنين، امتزج فيها العلم مع الثّقافة، والشعر والسّياسة والحرب، وكذلك السِّلم، وهو ما يحكي قصَّة تاريخ مدينة اسمها (جزّان).

 

مقالات متعلقة في جغرافيا وتاريخ